قيل لهم: أفيكون الله إله أفعالكم، وربها ومالكها، والقادر عليها، ولا يكون خالقا لها. وإنما خلقتموها أنتم واخترعتموها. وأنتم لا تقدرون، أن تخلقوا ذبابا. وإن يسلبكم الذباب شيئا، لا تستنقذوه منه. فكيف تخلقون أفعالكم؟ فلو خلقتم أفعالكم ما فعلتم شيئا قط، تندمون عليه، ولا فعلتم فعلا، على أنه حسن صالح، فيأتي قبيحا طالحا. فهذا فعل عليم حكيم، مع أن قولكم: تخلقون أفعالكم، فقد شاركتم الله تعالى، في الخلق والاختراع. فكيف يعبر الله الخلق أجمعين، بالعجز، بقوله تعالى: { خلقوا كخلقه } وأنتم إذا قد خلقتم كخلقه، فجعلتم أنفسكم شركاء لله، في الخلق. فيكف أخبر الله تعالى، في كتابه: { هل من خالق غير الله } وقد خلقتم أنتم مع الله وقولكم: لو كانت أفعالنا من خلق الله، لما عذبنا الله عليها. فقولوا: إن الإيمان والطاعة، من خلق الله؛ لأنه لا يعذب عليها. وكلا الإيمان والكفر، والطاعة والمعصية، من أفعالكم، التي تدعون أنكم تخلقونها، دون أن يكون الله خالق جميع ذلك.
فإن قلتم: فإذا خلق الله أفعالنا، فكيف بعذابنا على شيء، قد شاركنا في فعله؟
قلنا لهم: إن الله تعالى، لم يشارككم في أفعالكم. وإنما البارئ: الخالق لأعمالكم، وأنتم المكتسبون لها. والله خالق كسبكم وحركاتكم،فيحال ما تتحركون. وإنما تكون للشركة: أن لو خلقتم أنتم، والبارئ أفعالكم، وكسبتم أنتم والبارئ أفعالكم. فهذه هي الشركة
وأما أعمال بني آدم آجمع؛ فمن الله خلق، ومن العباد عمل، كما قال المسلمون. وبالله التوفيق.
الباب الحادي والتسعون
في أعمال بني آدم وأقوالهم من خير وشر ونفع وضر وطاعة ومعصية
والدليل على أن الله تعالى قضى ذلك وقدره
وتصرف القضاء والقدر ووجوهه وأقسامه في جميع ذلك
فإن سأل سائل وقال: هل قضى الله بالباطل؟
Halaman 75