Cahaya dan Rama-rama
النور والفراشة: رؤية جوته للإسلام وللأدبين العربي والفارسي مع النص الكامل للديوان الشرقي
Genre-genre
وجهه إلى قراءة الكتاب المقدس بوصفه تاريخا حضاريا للشرق القديم ، كما نبهه ونبه أمته بوجه عام إلى الآداب الشرقية وأغانيها الشعبية الأصلية، بفضل ترجماته العديدة عن الآداب الفارسية والهندية والصينية، ورؤيته الحضارية الشاملة التي تضم مختلف العصور والشعوب، وتصور تاريخ البشرية في وحدة عضوية حية نامية. وكان هردر يعرف حافظ الشيرازي، كما ترجم بعض قصائد سعدي، واهتم بالأغنية الشعبية و«أصوات الشعوب في أغانيها» وضم هذه العناصر كلها إلى الصورة الرحبة التي قدمها عن تاريخ البشرية في كتابه المشهور «أفكار عن فلسفة تاريخ البشرية». وعكف جوته في أثناء دراسته في ستراسبورج على ترجمة أجزاء من نشيد الإنشاد. واهتم منذ سنة 1773م بالحضارة العربية والاطلاع على ترجمات القرآن الكريم وسيرة الرسول
صلى الله عليه وسلم
لإعداد مسرحية عنه كانت تشغله في ذلك الوقت كما أسلفنا القول، ولم يتمكن من إتمامها، وقام سنة 1783م بترجمة أبيات من الشعر الجاهلي استعان فيها - كما ذكرنا - بترجمات المستشرق الإنجليزي وليم جونز، كما كتب في سنة 1797م بحثا عن «إسرائيل في الصحراء» ضمه بعد ذلك إلى تعليقاته على الديوان، وحاول أن يثبت فيه أن رحلة بني إسرائيل في الصحراء بعد خروجهم من مصر لم تستغرق أكثر من سنتين، وأن خرافة التيه لمدة أربعين سنة قد اخترعها اليهود في وقت متأخر. وظل منذ شبابه يضع الشرق نصب عينيه، فهو يقرأ مذكرات الرحالة بكل الشوق والإعجاب، ويتابع جهود المستشرقين الذين كان بعضهم من أعز أصدقائه، في اللغات الألمانية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية واللاتينية، حتى استحق في النهاية أن يستشار في شغل كرسي الآداب الشرقية في جامعة يينا، وقد كانت كعبة الأدب والفلسفة في ذلك الحين.
كان سعدي الشيرازي
8
مؤلف «جلستان» و«بستان» هو أول من عرفه الأدب الألماني من شعراء الفرس العظام الذين ازدهروا من القرن الحادي عشر إلى القرن الخامس عشر؛ فقد ترجم له آدم أولياروس،
9
كما نقل هردر بعض قصائده وأمثاله. ثم ظهرت ترجمة حافظة الشيرازي (من حوالي 726ه/1326م إلى حوالي 792ه/1390م) التي أشرنا إليها سنة 1812م واطلع عليها جوته فأخذته الدهشة والإعجاب «بتوءم روحه » ها هو ذا يجد نفسه في شاعر قديم نشأ في ظل حضارة أخرى، نفس البهجة بالحياة والحب لهذا العالم، واستغراق العين في صور الكون وألوانه وأشكاله، ورويه الأبدي الخالد منعكسا في كل ما هو أرضي، والشوق الديني الغامر، والحب الصوفي الذي ينبت أجنحة للمحدود فيسمو للا محدود، وقصائد الحب والخمر، والبلبل والوردة، تشتعل بنار العاطفة وفي الوقت نفسه تصفيها أنوار العقل، لا بل تلعب معها وتداعبها، لا مادة هنا ولا دوافع مظلمة، بل يتنفس عطر الروح، كما يشبهه هذا الصوفي المبتهج بأفراح العالم وأعاجيبه، وكم سبح مثله في تيار حضارة غنية سعيدة، وكم هاجمه المتشددون من رجال الدين فرد عليه في حدة وترفع. ثم جاء عصر العسف والطغيان - مع جراد تيمورلنك! - فغير العالم دون أن يغيره. أوجه شبه عدة: هنا الحياة الرخية في إمارة فيمار الصغيرة في ظل الأمير كارل أوجست الذي أحبه كصديق وتوج جبينه بإكليل أرباب الأوليمب، وهناك الحظوة والهناء في ظل أسرة مظفر، هنا المحنة القاسية تحت نير جيوش طاغية العصر الحديث نابليون، وهناك المحنة الرهيبة تحت سنابك خيول تيمور ونيرانه ودماره، ثم قبل كل شيء هذا التوافق في الرؤية والمضمون والمزج بين الموضوعية والرمز، وهنا وهناك قصائد تبدو في ظاهرها غزليات فاضحة تتعبد حسن زليخا «أو مريانة» في محراب الحب، لكنها قد تكون كذلك صورا للحب الإلهي. فالخمر هي الخمر، وهو نشوة المتصوف بالمحبوب الأسمى. أهي هذا أم ذاك؟ هي الأمران معا: حس وروح، أرض وسماء، كون وإله، جسد وتصوف. العالم ينكشف لنور الروح، ويعلن عن أعماقه، لكن عالمه يظل غريبا على الفريقين، على المتزمتين ذوي الأفق الضيق، وعلى الغائبين في المواجد والأشواق.
أولا يصدق هذا أيضا على شاعر الغرب؟ ألم يكن العالم عنده سرا مقدسا مكشوفا، فالأبدي الواحد يتكشف له في مختلف الأشكال، والشاعر الأرضي لم يوجد إلا لكي يندهش به؟ ألم يكن العالم عنده «انعكاس اللامتناهي» و«رمزا لله»؟ ألم يقل مرة (في بحثه عن نظرية الطقس والأنواء) إن الحق - وهو الألوهية نفسها - لا يمكننا من معرفته مباشرة، وإنما نعاينه نراه في الانعكاس، والمثل، والرمز، ألم يكن مثله يملك القدرة على الرؤية الصوفية التي ترى المحدود بعين اللامحدود، ويملك مع ذلك الوعي بحدوده البشرية التي تعبر عن نفسها في حرية الدعابة والتهكم؟ استمع إليه وهو يتحدث في تعليقاته على ديوانه الشرقي
10
Halaman tidak diketahui