Cahaya dan Rama-rama
النور والفراشة: رؤية جوته للإسلام وللأدبين العربي والفارسي مع النص الكامل للديوان الشرقي
Genre-genre
لن يكون بالأمر المعيب:
فأخذ هدايا السعادة وإعطاؤها
سيبقى على الدهر متعة عظيمة،
وإسعاد حبيب لحبيبه،
سيكون نعيم الفردوس.
ويرجع تاريخ نظم هذه القصيدة إلى اليوم الرابع والعشرين من شهر مايو سنة 1815م؛ إذ كتبها الشاعر في «أيزناخ» وهو في طريقة لزيارة أصدقائه وأسرة حبيبته في منطقة نهري الراين والماين. وقد أسعده الحظ قبل قيامه بهذه الرحلة بأسابيع قليلة بوصول رسالة من صديقه «كنيبل» (وهو كارل لودفيج من 1744م إلى 1834م الذي ترجم بعض الأعمال من الأدب الروماني، لبربيرز ولوكريس، وتبادل رسائل هامة مع جوته. وكان مثله مولعا بالآداب الشرقية) تحمل معها نسخة من ترجمته لقصيدة عربية طويلة عن اللاتينية سبق أن نشرها في عام 1800م في مجلة عطارد الألمانية.
6
وشدت القصيدة العربية الطويلة - وهي لامية العجم كما سبق القول - اهتمام جوته، وربما وجد في ذلك المزيج الغريب الذي تحتوي عليه أبياتها المعبرة بصدق وقوة وغضب عن شخصية صاحبها الممتحن في حياته، ما أشعره بقربه الحميم من شخصيته هو نفسه، ففيها الشكوى المرة من قسوة الزمن عليه، ومحاصرة معاصريه له بالكراهية والحسد والكيد والغدر، وفيها التحدي الرائع لقدره ولأعدائه والتصميم على تحقيق طموحه إلى المنصب (الوزارة) والمجد وملء حياته بالأعمال والإنجازات التي تخلد ذكره وتليق بهمته العالية، وفيها كذلك التفاخر بالنفس والتغني بالفضيلة والعظمة وسط العالم الصغير المحيط في دولة «الأوغاد والسفل»، وفيها حكمة اليائس العنيد الذي يتحسر على عمره الضائع ويصر مع ذلك على صدقه مع نفسه وترفعه عن أن «ترعى مع الهمل». وطلب جوته من مكتبة فيمار معجم هيبرلو «المكتبة الشرقية» - كما هي عادته في الرجوع إليه في الأمور المتعلقة بالشرق - ليعرف منه شيئا عن الطغرائي، فوجد في الجزء الثاني منه، ص488، عبارات شحيحة تقول إنه شاعر عربي من أصل فارسي، وأنه كان غنيا في الفضائل والخصال الحميدة التي يسمي الإيطاليون من يتحلى بها باسم المتميز أو المتفرد النابغة (الفيرتووزو).
7
ولعل من أهم ما لفت انتباه جوته إلى الطغرائي أنه شغل مثله الوزارة لدى أحد ملوك السلاجقة ولم ينج طوال حياته من خيانة الصغار المحيطين به وحسدهم وافترائهم عليه، وربما أعجبه أيضا أن قصيدته تصور مسيرة حياته بصورة مأخوذة من الحياة البدوية التي تنعكس أيضا على بنائها الذي يشبه بناء القصيدة الجاهلية التي طالما أعجب بها عندما عكف على قراءة المعلقات وترجم جزءا من معلقة امرئ القيس، فضلا عن ترجمته لقصيدة تأبط شرا كما ستعرف ذلك من الفصل الخاص بجوته والأدب العربي. وأخيرا، فإن تفاخر الشاعر بنفسه، واعتزازه بخلقه ومواهبه وحكمته وخبرته واطلاعه على أسرار الحياة والناس، جعله شديد القرب منه إلى الحد الذي حفزه على التوحد بشخصيته وتسمية نفسه حاتم الطغرائي ليجمع في هذا الاسم بين أكرم الكرماء، وهو حاتم الطائي، وبين أغنى الأحياء بين الشعراء، وهو الطغرائي الذي عاش بعد حاتم بخمسمائة عام، ولم يكن من قبيل الصدفة أن يذكر اسم القديس جورج أو جرجس بينهما (وهو القديس المحلي لمدينة أيزناخ التي كتبت فيها القصيدة)؛ إذ يرمي من وراء ذلك إلى أن كليهما يتمتع بسجايا القديسين، سواء في السخاء والعطاء المادي غير المحدود أو في الغنى الباطني بالفضائل والقيم الرفيعة والعطاء الشعري والعملي بغير حدود أيضا.
Halaman tidak diketahui