153

Nihaya Fi Gharib

النهاية في غريب الأثر

Penyiasat

طاهر أحمد الزاوى - محمود محمد الطناحي

Penerbit

المكتبة العلمية - بيروت

Lokasi Penerbit

١٣٩٩هـ - ١٩٧٩م

مِنْ أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ بِمَعْنَى دَعْ واتْرك، تَقُولُ بَلْهَ زيْدًا. وَقَدْ يُوضَع مَوْضع الْمَصْدَرِ وَيُضاف، فَيُقَالُ بَلْهَ زَيْدٍ، أَيْ تَرْكَ زَيدٍ. وَقَوْلُهُ مَا اطَّلَعْتُم عَلَيْهِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبَ المحَلّ وَمَجْرُورَهُ عَلَى التَّقْدِيرَين، وَالْمَعْنَى: دَعْ مَا اطَّلَعْتم عَلَيْهِ مِنْ نَعيم الْجَنَّةِ وعرَفْتُموه مِنْ لذَّاتها. (هـ) وَفِيهِ «أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ البُلْه» هُوَ جَمْعُ الأَبْلَه وَهُوَ الْغَافِلُ عَنِ الشَّر المطْبُوع عَلَى الخَيْر «١» . وَقِيلَ هُمُ الَّذِينَ غَلَبت عَلَيْهِمْ سَلَامَةُ الصُّدور وحُسْن الظَّن بِالنَّاسِ؛ لِأَنَّهُمْ أغْفَلُوا أمْرَ دُنْياهم فَجهِلوا حِذْق التَّصُرُّف فِيهَا، وأقْبَلوا عَلَى آخِرَتِهم فشَغَلُوا أنفُسَهم بِهَا، فاسْتَحَقُّوا أَنْ يَكُونُوا أَكْثَرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَأَمَّا الأَبْلَه وَهُوَ الَّذِي لَا عَقْلَ لَهُ فَغَيْرُ مُرَادٍ فِي الْحَدِيثِ. وَفِي حَدِيثِ الزِّبْرِقان «خيْر أوْلاَدِنا الأَبْلَه الْعَقُول» يُرِيدُ أنَّه لِشِدّة حَيَائِهِ كالأبْلَه وَهُوَ عَقُول. (بَلَا) - فِي حَدِيثِ كِتاب هرَقْل «فمشَى قَيْصَر إِلَى إيليَاء لمَّا أَبْلَاهُ اللَّهُ تَعَالَى» قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: يُقَالُ مِنَ الْخَيْرِ أَبْلَيْتُهُ أُبْلِيهِ إِبْلَاءً. وَمِنَ الشَّر بَلَوْتُهُ أَبْلُوهُ بَلَاءً. وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الابْتِلَاء يَكُونُ فِي الْخَيْرِ والشَّر مَعًا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ فِعْلَيْهما. وَمِنْهُ قوله تعالى «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً» وَإِنَّمَا مَشَى قَيْصَرُ شُكْرًا لانْدِفاع فَارِسَ عَنْهُ. (س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنْ أُبْلِيَ فذَكَر فقدْ شَكَر» الإِبْلَاء: الإنْعام وَالْإِحْسَانُ، يُقَالُ بَلَوْتُ الرجُلَ وأَبْلَيْتُ عِنْدَهُ بَلَاءً حسَنا. والابْتِلَاء فِي الْأَصْلِ الاخْتِبار والامْتِحان. يُقَالُ بَلَوْتُهُ وأَبْلَيْتُهُ وابْتَلَيْتُهُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ «مَا عَلِمت أَحَدًا أَبْلَاهُ اللَّهُ أحْسَن ممَّا أبْلاني» . وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «اللَّهُمَّ لَا تُبْلِنَا إلاَّ بالَّتي هِيَ أَحْسَنُ» أَيْ لَا تَمْتَحِنَّا. وَفِيهِ «إِنَّمَا النَّذْر مَا ابْتُلِيَ بِهِ وجْهُ اللَّهِ تَعَالَى» أَيْ أُرِيدَ بِهِ وجْهُه وقُصِدَ بِهِ. (س) وَفِي حَدِيثِ بِرّ الْوَالِدَيْنِ «أَبْلِ اللَّهَ تَعَالَى عُذْرا فِي بِرِّها» أَيْ أعْطِه وأبْلِغ العُذْر فِيهَا إِلَيْهِ. الْمَعْنَى أحْسِن فِيمَا بَيْنَك وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى بَبرِّك إيَّاها.

(١) أنشد الهروي: ولقدْ لَهَوْتُ بطِفْلَةٍ مَيَّاسَةٍ ... بَلهِاءَ تُطلِعُني على أَسْرَارِهَا أراد أنها غِر، لا دهاء لها.

1 / 155