279

Penghujung dalam Fitnah dan Malahim

النهاية في الفتن والملاحم

Editor

محمد أحمد عبد العزيز

Penerbit

دار الجيل

Edisi

١٤٠٨ هـ

Tahun Penerbitan

١٩٨٨ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

وَفِي مُسْنَدِ الإِمام أَحْمَدَ، مِنْ حَدِيثِ بَهْزٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِيهِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ جده معاوية بن حميدة الْقُشَيْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أنه قال:
"يحشرون هاهنا - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى نَحْوِ الشَّامِ- مُشَاةً وَرُكْبَانًا، ويمرون على وجوههم ويعرضون على الله، وعلى أفواههم الفدام" ١.
وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ، عَنِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، بِنَحْوِهِ. وَقَالَ: حسن صحيح.
فَهَذِهِ السِّيَاقَاتُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَشْرَ هُوَ حَشْرُ الْمَوْجُودِينَ فِي آخِرِ الدنيِا، مِنْ أقطار محلة الحشر، وَهِيَ أَرْضُ الشَّامِ، وَأَنَّهُمْ يَكُونُونَ عَلَى أَصْنَافٍ ثلاثة، فقسم يحشرون طَاعِمِينَ كَاسِينَ رَاكِبِينَ، وَقِسْمٍ يَمْشُونَ تَارَةً وَيَرْكَبُونَ أُخْرَى، وَهُمْ يَعْتَقِبُوَنَ عَلَى الْبَعِيرِ الْوَاحِدِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّحِيحَيْنِ اثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، وَثَلَاثَةٌ على بعير، وعشرة على بعير، يعني يعتقبونه من قلة الظهر، كما تقدم، كما جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ، وَتَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ، وَهِيَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ، فَتُحِيطُ بِالنَّاسِ مِنْ وَرَائِهِمْ تَسُوقُهُمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، إِلَى أَرْضِ الْمَحْشَرِ، وَمَنْ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ أكلته النار، وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا في آخر الدنيا، حيث الأكل والشرب، والركوب على الظهر المستوي وغيره، وحيث يهلك المتخلفون منهم بالنار، وَلَوْ كَانَ هَذَا بَعْدَ نَفْخَةِ الْبَعْثِ، لَمْ يبق موت ولا ظهر يسري، وَلَا أَكْلٌ وَلَا شُرْبٌ، وَلَا لُبْسٌ فِي الْعَرَصَاتِ٢، وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ أَنَّ الْحَافِظَ أَبَا بَكْرٍ الْبَيْهَقِيَّ بَعْدَ رِوَايَتِهِ لِأَكْثَرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، حَمَلَ هَذَا الرُّكُوبَ عَلَى أَنَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وصححِ ذَلِكَ، وَضَعَّفَ مَا قُلْنَاهُ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ما قاله بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
﴿يَوْمَ نَحْشًرُ الْمُتّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا وَنسُوقُ المُجْرمينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْدًا﴾ . [مريم: ٨٥-٨٦]

١الفدام: ما يوضع على الفم ليسده.
٢ العرصات: الساحات الواسعة.

1 / 287