المجلد الأول المقدمة رحمة الله ﷿ بأمة محمد ﷺ ... بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم وبعد فهذا كتاب الفتن والملاحم فِي آخِرِ الزَّمَانِ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَذِكْرِ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَالْأُمُورِ الْعِظَامِ الَّتِي تَكُونُ قَبْلَ يَوْمِ القيامة مما يجب الإِيمان به لإِخبار الصادق المصدوق عنها الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يوحى. رَحْمَةَ الله ﷿ بِأمَّةِ مُحمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسّلاَم قَالَ أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا كثير بن هشام، حدثنا المسعودي١ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أمّتي هذه أمّة مَرْحُومةٌ ليس عليها عذابٌ في الآخرة عذابُهَا في الدنيا الْفِتَنً والزلازلُ والقتل" ٢. وقد ذكرنا فيما تقدم إِخْبَارُهُ ﷺ عَنِ الْغُيُوبِ الْمَاضِيَةِ وَبَسَطْنَاهُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ وَقَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ وأيام الناس إلى زمانه وأتبعنا ذلك بذكر سيرته ﵊ وأيامه وذكرنا شمائله ودلائل نبوته وأردفناها بما أخبر به عن الْغُيُوبِ الَّتِي وَقَعَتْ بَعْدَهُ ﷺ، وقد طابق ذلك إِخْبَارِهِ كَمَا شُوهِدَ ذَلِكَ عِيَانًا قَبْلَ زَمَانِنَا هذا، وقد أوردنا جملة فِي آخِرِ كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ مِنْ سِيرَتِهِ ﷺ _________ ١المسعودي: هو عبد الرحمن بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الكوفي. المسعودي، صدوق، اختلط قبل موته، وضابطه: أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط من السابعة، مات سنة ستين وقيل سنة خمس وستين أخت ع تقريب التهذيب ١-٤٨٧ رقم ١٠٠٨ ٢ الحديث رواه أبو داود – كتاب الفتن والملاحم باب ما يرجى في القتل ٢- ٤٢١ حلبي.

1 / 11

وَذَكَرْنَا عِنْدَ كُلِّ زَمَانٍ مَا وَرَدَ فِيهِ من الحديث الخاص به عند ذكرنا حوادث وَوَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ كَمَا بَسَطْنَا فِي كُلِّ سَنَةٍ ما حدث للخلفاء والوزراء والأمراء والفقهاء والصلحاء والشعراء والتجار وَالْأُدَبَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ ذَوِي الْآرَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ النُّبَلَاءِ، ولو أعدنا ذكر الأحاديث المتقدمة هاهنا مبسوطًا لَطَالَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ نُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ إِشَارَةً لطيفة ثم نعود إلى ما قصدنا إليه هاهنا وبالله المستعان.

1 / 12

بعض ما أخبر الرسول ﵇ بأنه سيقع ... No pages

Halaman tidak diketahui

بعض ما أخبَرَ الرُّسُولُ عَلَيْهِ السَّلاَم بِأَنَّهُ سَيَقَع إشارة نبوية إلى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ ﵁ سيلي أمر الأمة بعد الرسول ﵇: فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ لتلك المرأة التي قال لها: ارجعي فقالت: أرَأَيْتَ إن لم أَجدكَ؟ كَأَنَّهَا تُعَرِّضُ بِالْمَوْتِ فَقَالَ: "إِنْ لَمْ تجدِيني فَأْتِي أَبَا بكرٍ" ١ رواه البخاري فكان القائم بعده بالأمر أَبُو بَكْرٍ، وَقَوْلُهُ ﷺ حِينَ أَراد أَن يَكْتُبَ لِلصِّدِّيقِ كِتَابًا بِالْخِلَافَةِ فتركه لعلمه أَن أَصحابه لا يعدلون عنه لعلمهم بسابقته وفضله ﵁ فَقَالَ: "يَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إلا أبا بكر" ٢ فوقع كذلك وهو في الصحيح _________ ١الحديث رواه البخاري ٩٣- كتاب الأحكام ٥١- باب الاستخلاف حديث رقم ٧٢٢٠ – ورواه أيضا في ٩٦- كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ٢٤- باب الأحكام التي تعرف بالدلائل حديث رقم ٧٣٦٠. -ومسلم في صحيحه ٤٤- كتاب فضائل الصحابة ١- باب في فضائل أبي بكر الصديث ﵁ حديث رقم ٢٣٨٥. - ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ج٢ – قسم ٢- ص ٢٠. - ورواه أحمد في مسنده ٤- ٨٢، ٨٣ - ورواه الطيالسي في مسنده – حديث رقم ٩٤٤ ٢ الحديث رواه مسلم في صحيحه ٤٤- كتاب فضائل الصحابة ١- باب من فضائل أبي بكر الصديق ﵁ حديث رقم ٢٣٨٧ من طريق عائشة ولفظه "قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في مرضه "ادعي لي أبابكر، وأخاك حتى أكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر"!. هـ

1 / 12

أيضًَا، وقوله: "بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمْرَ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْيَمَانِ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَسْعُودٍ وابن عمر وأبي الدرداء، وَقَدْ بَسَطْنَا الْقَوْلَ فِي هَذَا فِي فَضَائِلِ الصحيحين وَالْمَقْصُودُ: أَنَّهُ وَقَعَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ولِّي أَبُو بكر الصِّدِّيقُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الخلافة ثم وليها بعده عمر بن الخطاب كَمَا أَخْبَرَ ﷺ سَوَاءً بسواء.
إشارة نبوية إلى أن المسلمين يفتحون مصر ... إشارة نبوية إلى أن المسلمين يفتتحون مصر: وَرَوَى مَالِكٌ وَاللَّيْثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنٍ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "إِذَا افْتَتَحْتمُ مِصْرَ فاستوْصوا بالقِبْط" وَفِي رِوَايَةٍ: "فَاستَوصُوا بِأَهْلِها خَيْرًا فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا". وقد افْتَتَحَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي سَنَةِ عِشْرِينَ أَيَّامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّكُمْ سَتَفتَحُونَ أَرْضًا يذْكَر فِيهَا القيراطُ فاستَوصوا بأهلها خيرًا فإن لهم ذمةً ١ ورحمًا٢ ". _________ ١ذمة: هي الحرمة والحق. وهي هنا بمعنى الذمام. ٢ رحما: الرحم لكون هاجر أم إسماعيل منهم. - والحديث رواه مسلم ٤٤- كتاب فضائل الصحابة ٥٦- باب وصية النبي ﷺ بأهل مصر حديث رقم ٢٥٤٣ بزيادة " ... فإذا رأيتم رجلين يقتتلان في موضع لبنة فأخرج منها"!. هـ. - وروى نحوه أحمد في مسنده من نفس طريق مسلم ٥-١٧٤ ولفظه "أنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فإذا افتتحتموها فاحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحما" أو قال: "ذمة وصهرا فإذا رأيت رجلين يختصمان فيها في موضع لبنة فاخرج منها"!. هـ.

1 / 13