Teori Pengetahuan dan Sikap Asli Manusia
نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان
Genre-genre
وعلى أية حال فالمشكلة الرئيسية التي يعالجها هيوم - وهو في صدد بحث موضوع وجود العالم الخارجي - هي مشكلة أصل الاعتقاد بخارجية هذا العالم واستمراره واستقلاله، وهو يفترض أن الاعتقاد باطل؛ لأنه لا يستند إلى العقل، ولا يناقش ذلك الاحتمال القوي في ألا يكون هذا الاعتقاد محتاجا إلى العقل لتأييده، وفي أن يكون سابقا على كل حجج منطقية أو براهين استدلالية، أي إنه يوم يفترض مقدما أن التفكير العقلي إذا لم يؤيد فكرة وجود العالم الخارجي فلن يعود لهذه الفكرة وجود، وهذا افتراض فيه شيء غير قليل من التعسف، ولا ينبغي أن يسمح المرء لنفسه بقبوله دون مناقشة.
ومنذ اللحظة التي يقسم فيها هيوم الإدراكات إلى أفكار وانطباعات، لا يوجد بينهما إلا فارق في الدرجة أو الشدة، منذ هذه اللحظة يتخذ هيوم موقفا مثاليا؛ إذ يتيح له هذا الرأي أن ينسب إليهما طبيعة متشابهة، وبذلك ينكر وجود مصدر خارجي للانطباعات.
ويتجلى هذا الموقف المثالي - بالمعنى الذي أوضحناه من قبل لهذه الكلمة - بكل وضوح حين يتحدث هيوم عن انطباعات الإحساس فيصفها بأنها «تظهر في النفس أصليا، من أسباب غير معروفة.»
10
أو في قوله: «أما عن تلك الانطباعات التي تنشأ عن الحواس، ففي رأيي أن علتها لا يمكن أن تفسر مطلقا عن طريق العقل البشري، وسيظل دائما من المحال أن نقرر - على نحو مؤكد - إن كانت تنشأ عن الموضوع مباشرة، أو تنتجها القوة الخلاقة للذهن، أو تستمد من خالق وجودنا، على أن هذا الموضوع ليست له أهمية على الإطلاق في هذا المقام، ففي إمكاننا أن نستخلص استدلالات من ترابط إدراكاتنا الحسية لنتبين إن كانت صحيحة أو باطلة، وإن كانت تمثل الطبيعة تمثيلا صحيحا، أو أنها مجرد خداع للحواس.»
11
وهكذا يعلن هيوم - في مستهل كتابه - عجزه عن تفسير كيفية ظهور انطباعات الإحساس وأصلها، ويقول ما معناه: «سأقدم إليكم في هذا الكتاب صورة للعالم مخالفة لصورته التي يكونها الإنسان في موقفه الطبيعي، ولكني أعلن لكم منذ البداية أنني لا أستطيع - في ضوء هذه الصورة - تعليل أصل انطباعات الإحساس وكيفية ظهورها.» أليس للمرء كل الحق في أن يشك مقدما في قيمة أي بحث في المعرفة يبنى على أساس أن الإحساس يظهر في النفس من أسباب غير معروفة، في الوقت الذي يعترف فيه التجريبيون أنفسهم بأن المصدر الرئيسي لمعرفتنا هو التجربة الحسية؟
ولقد استفاد هيوم من التطورات الفلسفية السابقة عليه، والتي توطدت فيها الفكرة القائلة: إن الموضوع الذي يمثل للذهن هو «الإدراكات
»، ولم يكن عليه إلا أن يستخلص ما اعتقد أنه نتيجة ضرورية لهذه الفكرة، فليس في وسعنا أن نتصور أي شيء يتجاوز الأفكار والانطباعات؛ لأن الذهن لا يحضر أمامه شيء سوى إدراكاته وانطباعاته وأفكاره، «ومهما كانت درجة تركيزنا لانتباهنا خارج أنفسنا، ومهما تعقبنا خيالنا إلى السماوات أو إلى أقصى أطراف الكون، فلن نتقدم بالفعل خطوة واحدة خارج أنفسنا، ولن نستطيع أن ندرك أي نوع من الوجود سوى الإدراكات التي بدت في هذا النطاق الضيق.»
12
Halaman tidak diketahui