القَوْل، كَمَا أعوذ بك من الْخَطَإِ فِي الْعَمَل. أعوذ بك من زلل اللِّسَان والقلم كَمَا أعوذ بك من ذلل الْقدَم، وَأَعُوذ بك من النُّطْق الفاضح، كَمَا أعوذ بك من العي الفادح. فَاجْعَلْ نطقنا ثَنَاء على عزتك، وصمتًا فكرًا فِي قدرتك. وجنبنا فِي جَمِيع أحوالنا ومختلفات أقوالنا وأفعالنا مَا نستجلب بِهِ غضبك، ونحتقب بِهِ الشّرك بك، تَشْبِيها لَك بخلقك وتصويرًا وتظليما لَك فِي فعلك، وتجويرا وعدولا فِي دينك عَن الجدد، وتنكبا للسنن الأرشد، الَّذِي هدَانَا إِلَيْهِ نبيّك مُحَمَّد ﷺ، بوحيك الَّذِي أوحيته إِلَيْهِ، وكلامك الَّذِي أنزلته عَلَيْهِ، مبلغا لرسالتك، نَادِيًا إِلَى عبادتك، صادعا بِالدُّعَاءِ إِلَى توحيدك، مُعْلنا بتعظيمك وتمجيدك. ناصحًا لأمته وعبيدك. صلى الله عَلَيْهِ صلاتًا نامية زاكية وَسلم سَلاما طيبا كثيرا وعَلى أَصْحَابه وَأهل بَيته الَّذين أذهب عَنْهُم الرجس وطهرهم تَطْهِير. وَبعد فَإِنِّي رَأَيْتُك - أمتع الله بأدبك، وأمتع الْأَدَب وَأَهله بك - حِين سَمِعت بالمجموع الْكَبِير الَّذِي سميته " نزهة الأديب، ظننتني قصدت بِهِ قصد من يؤلف كتابا، فيصنفه أصنافًا ويبوبه أبوابًا، حَتَّى يتَمَيَّز فِيهِ النشر عَن النّظم، وَالْجد عَن الْهزْل، والسمين عَن الغث، والبارع عَن الرذل، وتكثر فِيهِ الأشكال والنظائر، وتتشابه مِنْهُ الْأَوَائِل والأواخر، وَلم تعلم أَنه جرى مجْرى التَّعْلِيق، الَّذِي يحتوي على الْجَلِيل والدقيق، ويقرن بَين الْقَرِيب والسحيق، وَيكون كَاتبه كحاطب اللَّيْل يجمع نبعا وقتادا، وجارف السَّيْل يجمل مَنَافِع وأزبادا، وَيكون قارئه كغائص الْبَحْر يغوص مرّة على الدرة الثمينة، وَأُخْرَى على الصدفة المهينة، حَتَّى يخرج من الْجد الشريف إِلَى المزح السخيف، وَمن الجذل البديع إِلَى الْهزْل الشنيع، وَمن فصيح الْمقَال إِلَى العى الْمحَال وَمن الموعظة الَّتِي تدنى إِلَى الرب إِلَى النادرة الَّتِي تغرى بالذنب. وَرَأَيْت ميلك من جَمِيع ذَلِك إِلَى
1 / 22