185

Natr al-Durr

نثر الدر

Editor

خالد عبد الغني محفوط

Penerbit

دار الكتب العلمية

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م

Lokasi Penerbit

بيروت /لبنان

Genre-genre

Sastera
Retorik
من قرعٍ الضَّيْعَة صَنعته بإهالة سنخة فَقَالَ: عَليّ بِهِ، فَقَامَ إِلَى الرّبيع: وَهُوَ جدول فَغسل يَده، ثمَّ أصَاب من ذَلِك شَيْئا، ثمَّ رَجَعَ إِلَى الرّبيع فَغسل يَدَيْهِ بالرمل حَتَّى أنقاهما، ثمَّ ضم يَدَيْهِ كل وَاحِدَة مِنْهُمَا إِلَى أُخْتهَا وَشرب بهما حسا من الرّبيع، ثمَّ قَالَ: يَا نيزر إِن الأكف أنظف الْآنِية، ثمَّ مسح ندى ذَلِك المَاء على بَطْنه وَقَالَ: من أدخلهُ بَطْنه النَّار فَأَبْعَده الله! ثمَّ أَخذ الْمعول وَانْحَدَرَ فِي الْعين وَجعل يضْرب، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ المَاء، فَخرج وَقد تفضج جَبينه عرقا، فانتكف الْعرق عَن جَبينه أَي أزاله، ثمَّ أَخذ الْمعول وَعَاد إِلَى الْعين، ثمَّ أقبل يضْرب فِيهَا وَجعل يهمهم، فانثالت كَأَنَّهَا عنق جزور، فَخرج مسرعًا، فَقَالَ: أشهد الله أَنَّهَا صَدَقَة. على بداوة وصحيفة، قَالَ: فعجلت بهما إِلَيْهِ فَكتب: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم. هَذَا مَا تصدق بِهِ عبد الله أَمِير الْمُؤمنِينَ: تصدق بالضيعتين المعروفتين بِعَين أبي نيزر والبغيبغة على فُقَرَاء أهل الْمَدِينَة وَابْن السَّبِيل؛ ليقي الله ﷿ بهما وَجهه يَوْم الْقِيَامَة، لَا تباعان وَلَا توهبان حَتَّى يرثهما الله وَهُوَ خير الْوَارِثين، إِلَّا أَن يحْتَاج إِلَيْهِمَا الْحسن وَالْحُسَيْن، فهما طلقٌ لَهما وَلَيْسَ لأحدٍ غَيرهمَا. قَالَ: فَركب الْحُسَيْن دين، فَحمل إِلَيْهِ مُعَاوِيَة بِعَين أبي نيزر مِائَتي ألف دِينَار، فَأبى أَن يَبِيع، وَقَالَ: إِنَّمَا تصدق بهَا أبي ليقي الله بهَا وَجهه حر النَّار، وَلست بَائِعهَا بِشَيْء. وَلما ضربه عبد الرَّحْمَن بن ملجم لَعنه الله تَعَالَى دَعَا الْحسن وَالْحُسَيْن ﵄، وَقَالَ: أوصيكما بتقوى الله وَالرَّغْبَة فِي الْآخِرَة، والزهد ف يالدنيا، وَلَا تأسفا على شَيْء فاتكما مِنْهَا، اعملا الْخَيْر، وكونا للظالم خصما وللمظلوم عونًا.

1 / 205