وجرت الحافلة، باسم الله مجراها، جرت بعنف وشدة، فاهتز الرجال في مواقفهم، ووقع بعض من كان بين المقاعد على اللواتي كن عليها، وهنالك شيخ لطم رأسه بلوح الباب لطمة كادت تذهب برشاده ... ووقف الترام فشققنا نحن السيدات طريقا لرءوسنا وأكتافنا بين الرءوس وبين الأكتاف.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكت عن الكلام المباح.
صوت الأم
ونحن، لنا كلمة في القمار وضريبته، وصوتنا - وهو الصوت المختفي طيلة الدهر - هو اليوم صوت العائلة الوطنية المحتضرة تحت ثقل الأزمة الاقتصادية، المحترقة بلهيب الثورة الاجتماعية، المجرورة بتيار اللهو والزهو إلى الموت المحتم.
قالوا: إن في المسألة تعزيزا للاصطياف، فنحن النساء بسيطات العقول لا نفهم إلا الصريح من القضايا، نقول: إما أن يكون لبنان مصيفا كسويسرا، أو مقمرة كمونت كارلو.
فالحالة الأولى قريبة المنال، وهي تتم بتحسين إداري طفيف تقدر عليه الحكومات إذا شاءت؛ لأن زبائنها؛ أي زبائن الاصطياف، هم جيراننا السوريون والمصريون الذين إنما يفدون علينا في الصيف لاكتساب العافية لا لتبذير الأموال.
أما الحالة الثانية، وهي جعل لبنان مونت كارلو، فبعيدة المنال؛ لأن كبار اللاعبين من أميركيين وأوروبيين لن يتركوا مقامرهم الجميلة، وفيها التسهيلات المعروفة ليأتوا للمقامرة عندنا. بقي أن زبائن القمار؛ أي زبائن الضريبة الجديدة، سيكونون من الوطنيين، ويؤيد هذه الفكرة السماح بالقمار في بيروت التي ما كانت في زمانها مصيفا. وفي هذا حكمة لا تفهمها عقولنا البسيطة.
قال كبير: إن من وراء ضريبة القمار إيراد قد يبلغ المليون، وهو رقم لا يستهان به.
لنفرض أن إيراد القمار بلغ العشرين مليونا تحولت كلها إلى تحسين الطرقات، فنحن قوم قانعون بشوارعنا الضيقة القذرة، ولا نريد إصلاحا مؤقتا، وطلاء لماعا يجيئنا من فضلات موائد القمار التي يبيع عليها رجالنا ضمائرهم وصحتهم، وسعة صدورهم، وعقولهم؛ فيكون ربحنا - نحن النساء - الشقاء الدائم، والحرمان الأليم.
إذا كان رجال هذه الأمة يخافون الدفاع، فنحن ندافع عن كيان الأمة الأدبي، نحن نحافظ على بقايا إرث قديم تركه لنا الجدود؛ وهو الفضيلة الشرقية.
Halaman tidak diketahui