124

فصل في التخلخل والمكاثف

وينبغي أن تعلم أن هذه الأجسام تقبل التكاثف والتخلخل بأن يصير جسم أصغر مما كان من غير وصل جزء عنه أو أكبر مما كان من غير وصل جزء به وذلك بين من القارورة تمص فتكب على الماء فيدخلها الماء فأما أن يكون وقع الخلاء وهو محال وإما أن يكون الجسم الكائن فيها قد خلخله القسر الحامل إياه على تخليه المكان ثم كثفه برد الماء أو تكاثف بطبعه فرجع إلى حجمه الطبيعي عند زوال السبب المخلخل إياه خارجا عن طبعه وهذه الأزقاق والأواني التي تتصدع عند غليان ما فيها أو تسخينه إما من طبعه وإما من نار توقد عليه لا يخلو إما أن يكون ذلك الانصداع لأجل حركة تعرض لما فيها مكانية قوية من تلقائه - أو الحركة تعرض لها من محرك دافع أو لحركة لها من باب الكم بتخلخل وانبساط لا يسع مثله سطح الوعاء والقسم الأول محال لأن تلك الحركة إما أن تكون فيها إلى جهة واحدة أو إلى الجهات كلها فإن كانت إلى جهة واحدة فإن نقل الإناء وحمله ربما كان أسهل من صدعه فيجب أن تنقل الإناء وتحمله في أكثر الأمر لا أن تصدعه وإن كانت إلى جهات مختلفة فيلزم من ذلك أن تكون طبيعة متشابهة يعرض فيها أن تتحرك حركات بالطبع مختلفة وهذا محال وإن كان إنما يتحرك مثلا لدافع مثل ما يظن أن النار تدخل الماء المغلي فيصير أكبر حجما فينصدع الإناء فلا يخلو إما أن يدخل ثقبا خالية وإما أن لا يدخل ثقبا خاليا بل يحدث ثقبا ومنافز فيه وحال أن لا يدخل ثقبا خاليا فإن الخلاء ممتنع - وأيضا إذا امتلأت الثقب الخالية لم يجب أن يزداد حجم الجسم كله بل وجب أن يكون على ما هو عليه وأما القسم الثاني فلا يخلو إما أن يزيد في الحجم مع مماسة سطح الجسم الذي فيه قبل النفوذ في ثقب مستحدثة فيه أو بعد أن يثقب ويدخل وكلا القسمين باطل - أما مع المماسة فإن نفس المماسة لا توجب زيادة حجم الشيء نعم ربما كان المماس يدفع ويضغط بقوته إلى جهة واحدة مخالفة لجهة حركته ومضطرة إليها - ولا يجب من ذلك أن ينصدع ما يحتوي على المدفوع بل ينتقل على ما بينا على أنه كثيرا ما يعرض ذلك لا بسبب نار واصلة من خارج بل لأن المحوى يسخن من تلقاء نفسه ومحال أن يقال إن الانصداع واقع بزيادة الحجم بسبب المخالطة من النافذ الثاقب فنقول أن هذا القسم أيضا محال لأنه لا يخلو إما أن تكون الزيادة في الحجم آن الانصداع أو يكون الحجم قد زاد قبله وكلا القسمين محال - أما الأول فلأن كل آن يكون فيه نافذا يمكن أن يفرض قبله آن آخر كان فيه نافذا لأن النفوذ مجاورة السطوح بالحركة ويكون له مسافة ما وتلك

Halaman 124