وقول شمس الدين الأسدي الطيبي:
إذا ذكرت بقاع الأرض يومًا فقل سقيًا لجلق ثم رعيا
وقل في وصفها لا في سواها: بها ما شئت من دين ودنيا
وكأن لسان الدين ذا الوزارتين بن الخطيب، عناها بقوله المصيب:
بلد تحف به الرياض كأنه وجه جميل والرياض عذاره
وكأنما واديه معصم غادةٍ ومن الجسور المحكمات سواره
وكنت قبل رحلتي إليها، والوفادة عليها، كثيرًا ما أسمع عن أهلها زاد الله في ارتقائهم، ما يشوقني إلى رؤيتها ولقائهم، وينشقني على البعد أريج الأدب الفائق من تلقائهم، حتى لقيت بمكة المعظمة، أوحد كبرائها الذين فرائدهم بلبة الدهر منظمة؛ عين الأعيان، وصدر أرباب التفسير بها والبيان؛ صاحب القلم الذي طبق الكلى والمفاصل، والفتاوي التي حكمها بين الحق والباطل فاصل، والتآليف التي وصفها بالإجادة من باب تحصيل الحاصل؛ وارث العلم عن غير كلالة؛ ذو الحسب المشرق بدره في سماء الجلالة؛ صاحب المعارف التي زانت خلاله، وساحب أذيال العوارف التي أبانت على فضله دلالة، مفتي السلطان في تلكم الأوطان، على مذهب الإمام النعمان، مولانا الشيخ عبد الرحمن ابن شيخ افسلام عماد الدين، لا زال سالكًا سبيل المهتدين؛ فكان جمل الله عصرًا وأوانًا، لقضية هذا القياس عنوانًا، فلما حللت بدارهم، ورايت ما أذهلني من سبقهم للفضل وبدارهم، صدق الخبر الخبر، وتمثلت