ودخلا الأريب أبو الوليد النحلي مدينة المرية، يرفل في أثواب سود زرية، فكتب إلى السلطان:
أيا مَن لا يُضاف إليه ثانٍ ... ومَن ورث العُلاَ باباَ فَبَابَا
أيجمُل أن تكون سَوادَ عَيني ... وأبْصر دون أبْغي حِجابا
ويمشِي الناس كلهم حَمَامًا ... وأمشِي بينَهم وحْدِي غُرابا
فبعث إليه من المال جملة وافرة، ومن البياض خلعة فاخرة، وكتب له رقعة فيها بيتان:
وردتَ وللَّيل البهيم مطارفٌ ... عليكَ وهَذيِ للصَّباح بُرودُ
وأنتَ لدينَا ما بقيتَ مُقَرَّبٌ ... وعيشُك سلسال الجِماَمَ بَرود
السلسال: الصافي العذب، يقال: ماء زلال وسلسال، إذا كان صافيًا عذبًا. والجمام، بكسر الجيم: جمع جم وجمة، وهو الماء المجتمع.
وأنشدونا لابنه الأمير أبي جعفر رحمهما الله:
كتبتُ وقَلبي ذُو اشتياقٍ ووحشةٍ ... ولو أنَّه يستطيعُ مَّر يُسلّمُ
جعلتُ سوادَ العين فيه مدادَه ... وأبيضَه طِرسًا وأقبلت ألثُم
فخيّل لي أنِّي أقبّل موضعًا ... يُصافحه ذاك البنانُ المكرّم
1 / 37