خرجت مع أبي إلى الشام في زمن يزيد بن عبد الملك، فلما ماتت حبابة وأخرجت لم يستطع يزيد الركوب من الجزع ولا المشي فمل على منبر على رقاب الرجال، فلما دفنت قال: لم أصلِ عليها انبشوا عنها، فقال له مسلمة: نشدتك الله يا أمير المؤمنين إنما هي أمة من الأماء وقد واراها الثرى، فلم يؤذن لناس بعد حبابة إلا مرة واحدة، قال: فو الله ما أستتم دخول الناس حتى قال الحاجب: أجيزوا رحمكم الله، ولم ينشب يزيد أن مات كمدًا.
أخبرني أحمد بن عبيد الله بن عمار قال: حدثنا عمر ن شبة قال: حدثني إسحق قال: حدثني إبن أبي الحويرث الثقفي قال: لما ماتت حبابة جزع عليها يزيد جزعًا شديدًا فضم جويرية لها كانت تخدمها إليه تحدثه وتؤنسه، فبينا هو يومًا يدور في قصره إذ قال لها هذا الموضع الذي كنا فيه فتمثلت:
كفى حزنًا للهائم الصب أن يرى ... منازل من يهوى معطلة قفرى
فبكى حتى كاد يموت، ثم لم تزل تلك الجويرية يتذكر بها حبابة حتى مات.
وقال:
أيدعونني شيخًا وقد عشت حقبة ... وهن من الأزواج نحوي نوازع
وما شاب رأسي من سنين تتابعت ... عليّ ولكن شيبته لوقائع
الشعر لأبي الطفيل صاحب رسول الله ﵌، والغناء لإبراهيم خفيف أول بالوسطى عن عمرو وغيره.
؟؟؟ أخبار الأغلب ونسبه // هو فيما ذكر إن قتيبة الأغلب بن جشم بن سعد بن عجل بن لجيم بن مصعب إبن علي بن بكر ن وائل وهو أحد المعمرين عمر في الجاهلية عمرًا طويلًا وأدرك الإسلام فأسلم وحسن إسلامه وهاجر، ثم كان فيمن توجه إلى الكوفة مع سعد بن أبي وقاص نزلها وأستشهد في وقعة نهاوند فقبره هتاك في قبور الشهداء، ويقال أنه أول من رجز الأراجيز الطول من العرب، وإياه عنى الحجاج بقوله مفتخرًا:
إني أنا الأغلب أمسي قد نشد
قال بن حبيب: كانت العرب تقول الرجز في الحرب والحداء والمفاخرة وما جرى هذا المجرى فتأتي منه بأبيات يسيرة فكان الأغلب أول من قصد الرجز ثم سلك الناس بعده طريقته.
أخرنا الفضل بن الحباب الجمحي أو خليفة في كتابه إلينا قال: أخبرنا محمد إبن سلام قال: حدثنا الأصمعي. وأخبرني أحمد بن محمد أبو الحسن الأسدي قال: حدثنا الرياشي قال: حدثنا معمر بن عبد الوارث عن أبي عمرو بن العلاء قال: كانت للأغلب سرحة يصعد عليها ثم يرتجز.
فقد عرفتني سرحتي فأطت ... وقد شمطت بعدها وأشمطت
فأعترضه رجل من بني سعد ثم أحد ني الحرث بن عمرو بن كعب بن سعد، فقال له:
بحت من سالفة ومن قفا ... عبد إذا ما رسب القوم طفا
كما شرار الرعي أطراف السقا
أخبرني أحمد ن عبد العزيز الجوهري قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني محمد بن عباد بن حبيب المهلبي قال: حدثني نصر بن ناب عن دواوين أبي هند عن الشعبي قال: كتب عمر بن الخطاب إلى المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة أن إستنشد من قبلك من شعراء قومك ما قالوا في الإسلام فأرسل إلى الأغلب العجلي فأستنشده فقال:
لقد سألت هينًا موجودا ... أرجزًا تريد أم قصيدا
ثم أرسل إلى لبيد فقال له إن شئت مما عفا الله عنه يعني الجاهلية فعلت قال لا أنشدني ما قلت في الإسلام، فأنطلق لبيد فكتب سورة البقرة في صحيفة وقال أبدلني الله ﷿ بهذه في الإسلام مكان الشعر فكتب المغيرة بذلك إلى عمر فنقض عمر من عطاء الأغلب خمسمائة وجعلها في عطاء لبيد فكتب إلى عمر: يا أمير المؤمنين أتنقض عطائي إن أطعتك، فرد عليه خمسمائة وأقرّ عطاء لبيد على ألفين وخمسمائة.
أخبرني محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا محمد بن حاتم قال: حدثنا علي بن القاسم عن الشعبي قال: دخل الأغلب على عمر فلما رآه قال: هيه أنت القائل:
اجزًا تريد أم قصيدا ... لقد سألت هينًا موجودا
فقال يا أمير المؤمنين إنما أطعتك، فكتب عمر إلى المغيرة أن أردد عليه الخمسمائة للبيد.
أخبرنا أبو خليفة عن محمد بن سلام قال: قال الأغلب العجلي في سجاح لما تزوجت مسيلمة الكذاب:
لقد لقيت سجاح من بعد العمى ... ملوحًا في العين مجلود القرى
مثل العقيق في شباب قد أتى ... من اللجيمين أصحاب القرى
1 / 58