Pengenalan kepada Kajian Balaghah Arab
مقدمة لدراسة بلاغة العرب
Genre-genre
ولأجل أن تدرس البلاغة العربية بهذه الطرق المفيدة، لا بد من مزج التاريخ الإسلامي بها؛ إذ لو كان من الضروري الاستدلال على أطوار البلاغة بدراسة التاريخ، فذلك ألزم ما يكون في بلاغة العرب؛ لأنها أشد ما تكون صلة بالتاريخ؛ إذ التاريخ الإسلامي من أكثر تواريخ الأمم وأشدها حركة وانتقالا، وأظهرها أثرا في العقول والأفكار؛ لأنه ليس تاريخا سياسيا لا غير، بل هو أيضا تاريخ ديني؛ أي تاريخ مذاهب وأحزاب دينية، وآراء في السياسة والاجتماع مبنية على أثر الدين في العقول والعقائد ... ولو كان كل المسلمين الذين ملئوا الأرض شرقا وغربا، ودوخوا العالم حينا من الدهر من أصل عربي، لغتهم العربية الصحيحة؛ لكانت تصوراتهم وإدراكاتهم عربية، ولظهرت مدنية الإسلام ظهورا تاما في بلاغة العرب ظهور مدنيات الأمم الأخرى في بلاغاتهم. ولكن تغلب الأعاجم على الدولة محا منها كثيرا من الصبغة العربية، وجعلها مدنية إسلامية مختلطة؛ فلم تجد اللغة العربية من سعة المجال ما كان يكون لها لو أن الدولة كانت عربية صرفة، فمعنى مزج التاريخ بالبلاغة دراسة الاجتماع في زمن من الأزمان، ودراسة الحالة العقلية، أي معرفة الزمن بواسطة البحث عن كبار المفكرين والعلماء وآثار آرائهم في المجتمع، أو بعبارة أخصر دراسة التاريخ الاجتماعي والحركة العقلية دراسة علمية تاريخية، بقطع النظر عن كل شيء سوى البحث عن الحقيقة، مع الابتعاد عن جميع الميول والأهواء والمذاهب الشخصية بقدر الإمكان، ثم البحث عن ذلك من الوجهة الفنية في النظم والنثر.
فليس الغرض على رأينا من دراسة الشعر الجاهلي مثلا أن نبين أنه خال من التكلف سهل العبارة، ليس به من التشبيهات والاستعارات ما في شعر المولدين، وأن فلانا الشاعر بكى واستبكى وذكر الديار، وإنما الغرض الذي يجب أن يكون ضالة الباحث هو الحالة العقلية لهؤلاء الناس، وعاداتهم الاجتماعية وتربيتهم النفسية، وتصوراتهم وخيالاتهم ، ومجموع معلوماتهم وعواطفهم وإحساساتهم، وغير ذلك مما هو لب البلاغة وغرضها، وهذا هو غرض من قال: إن الأدب صورة الاجتماع.
لهذا لا بد من العناية بالتاريخ عناية تامة لمن يريد أن يدرس البلاغة، وبدون هذه الطريقة لا يمكن التمييز بين شعر وشعر، ولا بين كتاب وكتاب، إلا ما يظهر جليا من الاختلاف في الأسلوب والديباجة، مما لا يخفى على من له أدنى ملاحظة. هذه الصلة - صلة التاريخ الاجتماعي بالأدب والبلاغة - من أهم الطرق التي يجب أن تتبع في كشف مخبآت العقول، ومعرفة سير الحركة الفكرية لدى الأمم. مع هذا لا بد من دراسة التاريخ الخاص بالكتاب. ونقصد من هنا أيضا ما قصدناه هناك من التاريخ العقلي؛ أي تاريخ النفوس وحركات العقول، لمن يريد أن يتكلم على شاعر في شعره أو ناثر في نثره، وعلى صلة الكاتب بغيره من المؤثرات التي كونت عقله وفكره من أشخاص عرفهم، ومن بيئات تربى فيها، ومن زمن عاش فيه ومر به.
وبعد؛ فلا بد من دراسة الأدب دراسة تاريخية أخرى. نريد بالدراسة التاريخية عدم العمل على مذهب أو رأي ثابت، يجعله الإنسان قاعدة له قبل الدراسة ليقيس عليه ما يعرف؛ كاعتبار أن بلاغة العرب مثلا أرقى وأصح ما أنتجته العقول والأفكار، أو أنها ناقصة في جملتها، قبل الاطلاع والدرس. مثل هذه المباحث المبنية على الأهواء الشخصية والمذاهب الثابتة هي خطأ في مبدئها وفي نهايتها، ولا يمكن أن توصل إلى شيء من الحقيقة.
وليس الغرض من دراسة البلاغة دراسة تاريخية البحث عن الحوادث التاريخية الصرفة، كالعناية بالتواريخ والأزمنة التي ولد وعاش فيها الكتاب، وسيرهم الشخصية، أو سرد تاريخ البلاغة في العصور المختلفة، بقصد إثباتها كما تذكر الحوادث التاريخية سواء بسواء؛ هذه طريقة تاريخية تظهر في كتب الأدب مكملة له ومتممة لموضوعاته العامة، كما يتخلل الأدب حوادث تاريخية صرفة، بقصد كشف مخبآته وتوضيح موضوعاته. على أنها ليست من الأدب ولا من البلاغة. ولا بد لمدرس البلاغة من الملاحظة الصحيحة والموازنة والمقارنة؛ تقريبا للأفهام وإيضاحا للبلاغة نفسها؛ لأن هذا من دواعي ضبط آراء الباحث، وعدم اندفاعه في المدح أو الذم التابعين للأهواء والأغراض، وهذا أيضا من علامات الحرية في الفكر ودقة البحث؛ فلا بد أن يكون الغرض من تدريس البلاغة البحث العلمي المبني على المعلومات الصحيحة، للوصول إلى الفهم الصحيح الخالي من التعصب القومي والميول المذهبية؛ فإن مدرس الأدب إن لم يكن كذلك كان كمن لديه نموذج جميل، يريد أن يقيس عليه غيره ويجعله مثله.
وليس الغرض من البحث والفهم المباحث اللفظية؛ أي ما يعطيه اللفظ من الدلائل والمعاني اللغوية لا غير، ولا الشرح والتأويل لجملة المعاني، بل الغرض البحث عن كل ما تنطوي عليه العبارات؛ من: صور النفوس، والآراء، وأسرار اللغة، مما يصح أن يعطي للإنسان صورة صحيحة من صور الحياة العقلية للأمم، ثم عن صلة ذلك بالأسباب التي دعت هذه العقول للخوض في هذه الموضوعات، وولدت هذا النوع من الفكر والخيال، ثم الوقوف على خواص اللغة وأثر الشعوب التي تميز أفكارها من سواها، وأثر الزمن والبيئة في ذلك، والأنواع التي يكتب فيها الكتاب وقوانينها، وما في ذلك من شخصياتهم؛ لأن الكتابة تمت بألف سبب لما يحيط بها.
قال المسيو موريس كروازيه في مقدمة الجزء الأول من كتاب تاريخ الأدب اليوناني: «إن جملة لخطيب، أو بيت شعر لشاعر، أشبه بمرآة ينعكس فيها صورة منها، تدل على ماضي اللغة والتاريخ لشعب من الشعوب، وتدل على الفني الذي وهبها هذا الشكل؛ كل هذا يرى في الكتابات من شعر ونثر ... ولأجل التمكن من الوصول إلى ذلك لا بد للباحث في اللغة والأدب من أن يطلع على الفنون، ويعرف الأخلاق والنظام الاجتماعي؛ لترشده إلى قوة الذكاء للأمم وأثر الحوادث في ذلك، ولا بد من الاعتماد على المخطوطات؛ لأن الغرض الأولي من دراستها هو معرفة العقول التي تظهر آثارها في المؤلفات الفنية، بواسطة العبارات الأصلية وضروب البيان. ومؤرخ الأدب كالمؤرخ الطبعي؛ أي المشتغل بدرس العلوم الطبعية وجمعها، فهو قبل كل شيء ذو ملاحظة خالية من الأهواء والأغراض، وليس معنى هذا أن مؤرخ الأدب ليس له حق الحكم ولا أن يكون له رأي يبديه. ولكن الواجب عليه أن يكتفي بالمعرفة الصحيحة ... يقول سنت بوف: يلزم أن نكون كعلماء الطبيعة نجمع مجموعات مختلفة تامة من العقول. ولكنا لا نتجنب الحكم عليها تجنبا كليا حتى نبتعد عن تذوقها، بل يكفي أن نمنع أذواقنا من القلق والملل ونوقفها عند حدها، لا أن نميتها موتا. قال: والنقد الحقيقي هو دراسة الأشخاص، أي دراسة الكتاب وقوة الإدراك لديهم، كل على حسب طبيعته بقصد الحصول على صورة صحيحة من نفوسهم، لنضعها في المكان الذي تستحقه، والمنزلة الفنية التي تليق بها، ولا بد من العناية بالنصوص وموازنة بعضها ببعض، ومعرفة الصحيح من الخطأ فيها.»
وهذا هو أساس ما يسمونه الآن طريقة علمية؛ لأنها مبنية على نوع من التحقيق العلمي، الذي لا يتطرق إليه الشك. ولكن ذلك من الصعوبة بمكان في أدب العرب؛ لأن الوقوف على «النسخة الأصلية» كما يقولون، لا يكاد يتحقق في كل المؤلفات، ولا سيما مجموعات الشعر والنثر القديم، غير أن ذلك لا يمنع من العمل على ذلك بقدر الاستطاعة. على أن الظاهر لنا أن معرفة المؤلفات الأصلية ربما لا تتحقق في الأدب العربي.
الأدب أو البلاغة
الأدب
Halaman tidak diketahui