Pengenalan kepada Kajian Balaghah Arab
مقدمة لدراسة بلاغة العرب
Genre-genre
الكلام البليغ ودراسته
أصبح من المقرر عند الأدباء الآن أن ليس الغرض من البلاغة
1
سرور النفس وارتياحها بقراءة الشعر البليغ والكلام الممتع والنثر البديع، ليكون ذلك ضربا من ضروب التسلي فحسب؛ لأن هذه المدنية الحديثة حملت الإنسان على الاهتمام بالمنافع والفوائد العقلية، كما جعلته ماديا بحتا محبا لنفسه قبل كل شيء؛ ولذلك أصبحت جميع الفنون مصبوغة بصبغة علمية أو اجتماعية، الغرض منها نشر الأفكار والآراء والمباحث الاجتماعية والعلمية، في قالب يسهل على النفس قبوله ويلذ للإنسان تذوقه، ويسحر الألباب فيؤثر فيها الأثر المطلوب؛ ولهذا أيضا قل الاهتمام بالبلاغة الوجدانية، التي لا تشتمل إلا على حركات النفوس والخيال وصور العواطف.
واعتبروا البلاغة صورة للأفكار والعقول وشيئا من الحياة العقلية والعلمية للأمم، وجزءا كبيرا من تاريخ الإنسان، ورأى بعض كبار الأدباء أن البلاغة كالتاريخ من حيث الاستدلال بها على حياة الشعوب. غير أن التاريخ يدل على الحركة السياسية، والبلاغة تدل على الحركة العقلية والاجتماعية، أو يدل التاريخ على حياة الإنسان العملية والبلاغة على حياته النفسية من فكر وأخلاق وذكاء، وفضيلة ورذيلة، وعلم وجهل وغير ذلك؛ فجعلوا البلاغة من شعر ونثر وسيلة لدرس طبائع الإنسان ومعرفة نفوس الكتاب، وقصر بعض النقاد همه على معرفة حقائق النفوس من أثر الكتابات، وبنى مذهبه في النقد على ذلك، واستخرج حالة الكاتب النفسية (بسكلوجية) من كتاباته.
2
وقالوا: إن دراسة البلاغة هي التي نقلت التاريخ من ذكر الحوادث وسرد الوقائع إلى البحث في كل ما يعتري الإنسان، وإلى وصف أحواله النفسية والاجتماعية، فانتقل التاريخ بواسطة البلاغة من تاريخ جاف للحوادث إلى تاريخ المدنية الإنسانية، وقالوا: إن البلاغة هي سبيل الوصول إلى معرفة أحوال الأمم في الأزمنة المختلفة، وكيف كانت تفكر وتشعر وتدرك . وذلك مما يساعد على إيضاح التاريخ، ويسير به في طريق أصح، ويبين روح القوانين ومذاهب الاجتماع ورقي الأمم وانحطاطها.
لذلك أصبحت دراسة البلاغة لدى الأمم الحديثة دراسة لكبار نفوسها وعقولها المفكرة، أو كما يقولون دراسة للتاريخ الطبعي للنفوس الإنسانية، أو الغرض منها على حسب الاصطلاح العلمي «تشريح» النفوس والأفكار لمعرفة الصحيح من السقيم منها، والحصول على صورة عامة من الحياة العقلية للإنسان. قال سنت بوف: لم يبق لدي من السرور إلا هذا النوع من «التحليل» النفسي، الذي يمكن أن أعرف به تاريخ العقول. وكل ما أريده من النقد الأدبي هو جعل البلاغة تاريخا طبعيا للنفوس ... إلى آخر ما قال. فلم تصبح دراسة البلاغة قاصرة على الشعر والنثر الصناعي لا غير، بدون نظر إلى صلة الكاتب أو الشاعر فيها، بل لا بد من اعتبار كل ذلك مع البحث عن الصلة بين الكاتب وبين الحالة الاجتماعية.
ويخيل إلى من يريد أن يدرس بلاغة العرب أن هذه الطريقة لا تجد لها مجالا فيها؛ لأننا إذا أحصيناها وجدنا أنها تكاد تكون منحصرة في نوع من الشعر الوجداني الشخصي. ونجد هذا الشعر الذي ظهر في الأمم الإسلامية المختلفة والبيئات المختلفة، حافظا لشكل واحد وأسلوب واحد، لا من جهة الصناعة لا غير، بل من جهة تصور المعاني وإدراكها أيضا. وربما كان ذلك صحيحا؛ ولكن لا يلزم مدرس البلاغة العربية أن يبالغ في ذلك؛ فقد نجد في بلاغة العرب ما نجده في غيرها من أنواع الشعر والنثر. ولكنه ليس ظاهرا فيها ظهوره في غيره لقلته ولاندماجه في الوجدانيات. فكأنه إذا جاء فإنما يجيء عفوا مع ندورته المعروفة؛ ولذلك لا يصح أن يعد من أصول البلاغة العربية، ولا من طبيعة هذا اللسان المبين.
على أنه من الممكن أن توجد هذه الطرق الحديثة في دراسة بلاغة العرب من جهة صلتها بالتاريخ والاجتماع صلة صحيحة، ودراسة نفوس الكتاب والشعراء من أقوالهم بقدر ما تسمح به طبيعة هذه البلاغة وأصولها الفنية. غير أن ذلك لا يتسنى الآن، ولا يمكن أن تثبت هذه الطريقة إلا بعد أن يكثر البحث على هذا النحو، ويوجد بين المدرسين والنقاد علماء في الفلسفة والاجتماع تكون لهم طرق واضحة ومذاهب مبنية على قاعدة فلسفية أو طريقة اجتماعية علمية.
Halaman tidak diketahui