Pilihan Dari Cerita Inggeris
مختارات من القصص الإنجليزي
Genre-genre
وأيقظت وينا، وانحدرنا إلى الغابة التي صارت خضراء زهراء، بعد أن كانت في الليل سوداء مخوفة. ووجدنا ثمارا أفطرنا عليها، وما لبثنا أن التقينا بكثير من العلويين يضحكون ويرقصون في نور الشمس، كأنما لم يعد لليل في هذه الحياة وجود، ففكرت مرة أخرى في اللحم الذي رأيته ولم يبق عندي شك في أمره، وأدركني العطف القوي على هذا الجدول الآخر الضعيف من فيض الإنسانية العظيم. ولا شك أنه حدث في الماضي السحيق من عهد انحطاط الإنسان أن عانى السفليون القحط، وعسى أن يكونوا قد اقتاتوا الجرذان وما إليها، وحتى في عصرنا هذا نرى الإنسان أقل عناية بطعامه واقتصارا على لون واحد من أي قرد، وليس كرهه للحم البشري براجع إلى غريزة عميقة القرار وهكذا صار أبناء الإنسان الذين فقدوا الصبغة والصفات الإنسانية ... وحاولت أن أنظر إلى الأمر نظرة علمية، وهم على كل حال أقل إنسانية وأنأى من أجدادنا المستوحشين الذين عاشوا قبل ثلاثة آلاف من السنين أو أربعة آلاف وقد ذهب الذكاء الذي كان خليقا أن يحيل هذه الحالة عذابا غليظا، ولماذا أعني نفسي؟ إنما هؤلاء العلويون أنعام مسمنة، يتحفظ بها، ويفترسها السفليون، ولعلهم يعنون بتربيتها وتوليدها، وهذه وينا ترقص إلى جانبي!
وحاولت أن أقي نفسي ما يهجم عليها من الاستفظاع، بأن أعد هذا جزاء وفاقا للأثرة الإنسانية، فقد كان الإنسان راضيا قانعا بأن يعيش في رغد وهناءة بفضل العمل الذي يتجشمه أخوه الإنسان، وقد اتخذ من «الضرورة» كلمة سر وعذرا، فالآن تدور الدائرة عليه، ويلزمه «أخوه» حكم الضرورة! وقد حاولت أن أتكلف مثل احتقار «كارليل» للأرستقراطية المتداعية التعيسة، ولكن هذه النظرة كانت مستحيلة.
فمهما يكن مبلغ الانحطاط العقلي الذي صار إليه العلويون، فإن مسحتهم الإنسانية التي احتفظوا بها تستدر عطفي وتجعلني شريكا في انحطاطهم وفي خوفهم.
ولم أكن في ذلك الوقت على بينة من النهج الذي أنهجه، وكان همي الأول أن أجد ملجأ أحتمي به، وأن أصنع ما يسعني صنعه من السلاح؛ من المعدن أو الحجر. وكان هذا أمرا لا يحتمل الإرجاء، وكنت أرجو أن أهتدي إلى وسيلة أوقد بها نارا ليكون في يدي هذا السلاح، فليس أمضى منه في مكافحة السفليين. وكنت أرى أيضا أن أدبر وسيلة لكسر ألواح البرونز تحت قاعدة التمثال. وخطر لي المنجنيق، وكنت مقتنعا بأني حري إذا اقتحمت هذه الألواح ومعي نور أن أجد آلة الزمان وأنجو. ولم أستطع أن أتصور أن يكون السفليون من القوة ومتانة الأسر بحيث يسعهم أن يبعدوا بآلة الزمان، أما وينا فآليت أن أكر بها راجعا إلى زماننا. وقد أدرت هذه الخواطر في نفسي، وأنا أمضي على سنني إلى القصر الذي آثرت أن ألجأ إليه وأعوذ به. (11) قصر الصيني الأخضر
وجدت قصر الصيني الأخضر - لما شارفته حوالي الظهر - مهجورا متهدما. ليس في نوافذه إلا بقايا زجاج، وقد سقطت ألواح كبيرة من الواجهة الخضراء فظهر إطارها المعدني المتآكل. وهو يذهب في الهواء فوق مرج، وأدهشني - وأنا أتأمله قبل الدخول - أن أرى خليجا أو خورا حيث أظن أن «وندسورث» و«بترسي» كانتا فيما مضى. ففكرت - وإن كنت لم أتتبع هذا الأمر - فيما عسى أن يكون قد حدث أو ما لعله يحدث للأحياء المائية.
وتبينت بعد الفحص أن المادة التي صنع منها القصر هي «الصيني» ورأيت على ظاهرها كتابة بلغة مجهولة، وخطر لي - لجهلي - أن وينا ربما استطاعت أن تترجم لي هذا، فإذا «الكتابة» لم تجر لها قط في بال! وكانت تبدو لي دائما أجزل حظا من الإنسانية مما كانت، وأحسب أن هذا راجع إلى أن عاطفتها إنسانية.
ووجدنا وراء مصراعي الباب - الذي كان مفتوحا ومحطما - بدلا من القاعة المألوفة، دهليزا طويلا يدخل إليه النور من نوافذ عديدة على الجانبين، فأذكرتني النظرة الأولى بالمتاحف، وكان البلاط مغطى بطبقة من التراب، وكذلك ما كان هناك من الأشياء. ثم رأيت النصف الأسفل من هيكل عظمي كبير قائما في وسط القاعة، وأدركت من هيئة القدمين المنحرفتين أنهما لمخلوق منقرض، وكانت الجمجمة والعظام العليا ملقاة في التراب الكثيف، وقد أتى ماء المطر الذي رشح من السقف على بعضها. ورأيت في موضع آخر من الدهليز هيكلا ضخما للبرونتوسوروس فصح عندي أن هذا متحف، فملت إلى جانب، فألفيت ما خيل إلي أنه رفوف مائلة، فأزلت عنها التراب فوجدت الصناديق الزجاجية المألوفة في زماننا، ومن الواضح أنها محكمة لا ينفذ إليها الهواء فقد كان بعض محتوياتها سليما.
نحن إذن بين آثار عهد متأخر من عهود كنسنجتون الجنوبية، وهذا هو قسم المتحجرات، ولا شك أنه كان فيه معرض بديع من البقايا العضوية المتحجرة، وإن كان الفساد الذي أرجئ زمنا ما، والذي فقد - بفضل انقراض الجراثيم وما إليها - تسعة وتسعين في المائة من قوته، قد أخذ يدب في هذه الكنوز مرة أخرى، ببطء شديد، ووجدت هنا وهنا، آثارا من هؤلاء الأناسي الصغار في صورة بقايا عظام مكسرة أو منظومة في خيوط على أعواد. وقد نقلت الصناديق جملة في بعض الحالات - نقلها السفليون في رأيي - وكان المكان ساكنا، والتراب الكثيف يمنع أن يكون لخطواتنا صوت، وكانت وينا تدحرج على رف الزجاج المائل، حيوانا بحريا، ثم ارتدت إلي وأنا أجيل عيني فيما حولي، وتناولت يدي في سكون، ووقفت إلى جانبي.
وأدهشني في أول الأمر هذا الأثر القديم المتخلف من عصر مثقف، فلم أفكر في الاحتمالات التي يعرضها علي عقلي، بل لقد فتر اشتغال بالي بآلة الزمان.
وكانت ضخامة القصر توقع في الروع أنه أكثر من متحف للبقايا العضوية ولعل فيه متاحف تاريخية، بل ربما كانت فيه مكتبة، وكان هذا - في الأحوال الحاضرة - أمتع لي وأولى بعنايتي فذهبت أرود المكان فوجدت دهليزا آخر قصيرا، وكان هذا مقصورا، على ما يظهر، على المعادن، وكانت فيه كتلة من معدن الكبريت أخطرت البارود ببالي، ولكني لم أجد ملح البارود، ولا نترات من أي ضرب. ولا شك أنها ذابت من زمان طويل، ولكن معدن الكبريت تشبث بعقلي، وأغراني بفكرة، أما سائر ما كان في هذا القسم من المتحف، فلم أعبأ به، وإن كان - بالقياس إلى غيره - في حالة جيدة. ولست إخصائيا في المعادن، فانحدرت إلى جناح خرب محاذ للدهليز الأول وكان هذا مفردا، على ما يظهر، للتاريخ الطبيعي، ولكن كل ما فيه كان قد زالت معارفه، وكانت هناك آثار قليلة مما كان؛ حيوانات محنطة محشوة، وأعضاء جافة في أوعية كان فيها كحول، وتراب نباتات عفى عليها الزمن، وهذا كل ما بقي! وقد أسفني هذا فقد كان يسرني أن أتتبع المراحل البطيئة المتعاقبة التي انتهت إلى التغلب على الطبيعة الحية. ثم انتقلنا إلى قاعة مهولة الأبعاد ولكن الضوء فيها كأسوأ ما يكون، وكانت أرضها مائلة قليلة، وكنت أرى كرات مدلاة من السقف - كثير منها محطم - فالمكان إذن كان يضاء بالكهرباء أو ما إليها، وكانت هذه القاعة أقرب إلى نفسي، وأشبه بمألوفي، فقد وجدت فيها على الجانبين آلات كبيرة، وكانت كلها متآكلة، وكثير منها مكسر، ولكن البعض على جانب من السلامة. وأنتم تعرفون كلفي بالآلات، وقد نازعتني نفسي أن أتلكأ هنا، وشوقني إلى البقاء أن هذه الآلات لها متعة الألغاز والأحاجي، وإن كنت لا أستطيع أكثر من تخمين الغرض منها وما كانت مجعولة له. وخيل إلي أني لو استطعت أن أحل هذه الألغاز فإني حري أن أفيد قوة تنفعني في مغالبة السفليين.
Halaman tidak diketahui