147

وعلى الأرض اخضرار

واحمرار واصفرار

فكأن الروض وشي

بالغت فيه التجار

نقشه آس ونسر

ين وورد وبهار

ومن الناس من لا تخلبه إلا الموسيقى، فهي تريه من آي الجمال بأذنه، ما لا يستطيع أن يشهد بعينه، وهي تشفه حتى يحسب نفسه صفحة من الماء، وترقه حتى يخالها قطعة من الهواء، وتخففه حتى يحلق في جو السماء، وما هو أن حلقا صلصل أو أن وترا تنغم، ولكن نفسا صبت وقلبا تكلم! •••

ولقد قلت لك إن الناس ليسوا على حظ سواء في إدراك الجمال ومبلغ إصابة اللذة منه، والواقع أنهم في هذا متفاوتون كل التفاوت : فمنهم من يسمو فيه إلى حد الافتتان والانبهار، ومنهم من يسف إلى حد جمود الحس وصمم الشعور، وبين هذين الحدين مراتب بعضها فوق بعض.

هذا وليست نعمة الشعور بالجمال مقصورة على إصابة اللذة وتنعيم النفس، واستراحتها من العناء، وتفرجها من ألوان الهموم؛ بل إن لها وراء ذلك أثرا بعيدا في ترقيق الحس، وتهذيب النفس، والمطامنة من جماحها، ورياضتها على العطف والرحمة وحب الخير، كما أن لها أثرا بعيدا في تهذيب المدارك، وتعويدها دقة الملاحظة، وشدة التفطن لما يعيى على كثير من الناس.

وإدراك الجمال، مهما يجف الطبع، يمكن أن يكتسب بالتنبيه وترديد الملاحظة، ولفت الشعور بإظهار الإعجاب والافتتان، حتى إذا أومض في نفس الناشئ برقه، نبض له عرقه، فأقبل على التماسه، فإذا أصابه جعل يتأمله، ويجرد له الحاسة التي تدركه، ولا يزال هذا دأبه ووكده حتى تستوي له ملكة إدراك الجمال، وله منها بعد ذلك ما شاء الله من اللذة ومن تهذيب النفس أيضا. •••

Halaman tidak diketahui