وبقوله: (فتحنا عليهم أبواب كل شيء) (¬1) وبقوله: (وأوتيت من كل شيء) (¬2) نظيرا؛ لأن هذا كله الشاهد على خصوصه إجماعهم، وخصومهم عليه، والآية في أنه: )خالق كل شيء( أخرجها مخرج عموم، ولم يجامعهم خصومهم على أن الله أراد بها الخصوص، كما جامع أهل القدر من خالفهم على خصوص الآي التي ناظروا بها الآيات الشاهدات على صدق أهل الإثبات في قولهم، وقد امتدح عز وجل بقوله: )خالق كل شيء( بإجماع، ولو جاز لأحد أن يقول: هي خاصة لجاز لمن يزعم أن إبليس (¬3) ليس بمخلوق، وأن جميع الشرور ليست بمخلوقة لله على مقالة المنانية (¬4) ،
¬__________
(¬1) الآية 44 من سورة الأنعام، وقد جاءت الآية محرفة في المطبوعة، حيث قال: فتحنا أبواب، وصحتها (فتحنا عليهم أبواب(.
(¬2) الآية 23 من سورة النمل.
(¬3) إبليس: اشتقاقه من الإبلاس؛ لأن الله أبلسه من رحمته وآيسه من مغفرته. قال ابن الأنباري: لا يجوز أن يكون مشتقا من أبلس؛ لأنه لو كان مشتقا لصرف. قال أبو إسحاق: فلما لم يصرف دل على أنه أعجمي. قال ابن جرير: لم يصرف وإن كان عربيا لقلة نظره في كلامهم، فشبهوه بالأعجمي. وقال الواحدي: الاختيار أنه ليس بمشتق، لاجتماع النحويين على أنه يمنع من الصرف للعجمة والعلمية.
(¬4) المنانية: أصحاب ماني بن فاتك الذي ظهر في زمن (شابور بن أردشير) الذي تولى الملك عام 242 م، وقتله بهرام بن شابور. وأصل الكلمة بالفارسية (زندكر) ومعناها: حياة الدهر أو بقاء الدهر.
يقول ماني بنبوة عيسى، ولا يقول بنبوة (موسى)، وادعى أنه النبي الذي بشر به (عيسى)، وأنه خاتم النبيين.
يقولون بالحلول وبالتناسخ وأن العالم مركب من أصلين النور والظلمة. راجع الغلو والفرق الغالية 23، وفجر الإسلام 129، ودائرة معارف القرن العشرين 8: 453.
Halaman 57