يعني كالحة، {تظن أن يفعل بها فاقرة} (¬1) قال: يتوقعون العذاب بعد العذاب، وكذلك قوله: {إلى ربها ناظرة} ينتظر أهل الجنة الثواب بعد الثواب والكرامة بعد الكرامة، وروي مثل ذلك عن علي بن أبي طالب (¬2) في قوله: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناضرة}، قال: تنظر وجوههم إلى ربها، ناظرة قال: تنتظر متى يأذن لهم ربهم في دخول الجنة، ولا يعني الرؤية؛ لأن الأبصار لا تدركه كما قال: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير} (¬3) وروي مثل ذلك عن محمد بن المنكدر، (¬4) وقال محمد: ما رأيت أحدا له عقل يقول: إن الله يراه أحد من خلقه، وتلا هذه الآية: {وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا، لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا} (¬5) ثم قال: {يوم يرون الملائكة}. (¬6)
¬__________
(¬1) سورة القيامة آية رقم 25.
(¬2) هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي أبو الحسن، أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وابن عم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أول الناس إسلاما بعد خديجة، ولد بمكة عام 23 ق.ه، وربي في حجر النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يفارقه، وكان اللواء بيده في كثير من المشاهد، قتل عام 40ه. راجع صفة الصفوة 1: 118، واليعقوبي 2: 154، وشرح نهج البلاغة 2: 579.
(¬3) سورة الأنعام آية رقم 103.
(¬4) هو محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير بن عبد العزى القرشي التيمي (من بني تيم بن مرة) المدني، زاهد، من رجال الحديث ، من أهل المدينة، أدرك بعض الصحابة وروى عنهم، له نحو مائتي حديث. قال ابن عيينة: ابن المنكدر من معادن الصدق، توفي بعد عام 130ه. راجع تاريخ الإسلام للذهبي 5: 155 158، وتهذيب التهذيب 9: 473، وخلاصة تهذيب الكمال 308.
(¬5) سورة الفرقان آية رقم 21
Halaman 136