وانعطاف نحوه. ولا غرو، فهو عراقى يصبو إلى مذهب أهل العراق.
وهو فى ذلك كأغلب نحويى العراق، كالسيرافى الذى كان يقضى على مذهب العراقيين.
وليس لدينا من المصادر ما يقفنا على من أخذ عنه الفقه فى شبيبته. وأحمد بن محمد الموصلى الذى أخذ عنه النحو كان شافعيا، كما يذكر السيوطى فى البغية، وإن لم أقف على ترجمته فى طبقات الشافعية، ولم أقف على تاريخ وفاته.
وانتسابه للحنفية فى الفقه يبدو من قوله فى الخصائص ١٦٣/ ١: «وكذلك كتب محمد بن الحسن-﵀-إنما ينتزع أصحابنا منها العلل؛ لأنهم يجدونها منثورة فى أثناء كلامه، فيجمع بعضها إلى بعض بالملاطفة والرفق، ولا تجد له علة فى شئ من كلامه مستوفاة محررة. وهذا معروف من هذا الحديث عند الجماعة غير منكور».
وظاهر أنه يريد محمد بن الحسن صاحب أبى حنيفة، وأنه يتحدث عن استخراج العلل الفقهية من كتبه. فقوله: «أصحابنا» يعنى به أتباع أبى حنيفة. ويبدو أن ابن جنى كان ينظر فى كتب الفقه وأصوله كثيرا، وقد احتذى فى مباحث النحو كثيرا من منهج الفقه وأصول الفقه. وكان لهذا معنيا بكتب محمد بن الحسن. وكذلك كان شيخه أبو على معنيا بآثار محمد هذا.
ويقول ابن جنى فى الحديث عن شيخه: «وحدثنى أنه وقع حريق بمدينة السلام، فذهب به جميع علم البصريين. قال: وكنت قد كتبت ذلك كله بخطى، وقرأته على أصحابنا، فلم أجد من الصندوق الذى احترق شيئا البتة، إلا نصف كتاب الطلاق عن محمد بن الحسن».
وفى ثبت كتب ابن جنى عند بروكلمان: «مسألتان من كتاب الإيمان لمحمد بن الحسن الشيبانى»، ويذكر بروكلمان أنه فى الفاتيكان. فهذا لا يدع مجالا للشك فى صلته بمذهب العراقيين فى الفقه.
وتراه ينصر الحنفية على الشافعية. ومن أمثلة هذا ما أورده فى «سر الصناعة» فى حرف الباء: «وأما ما يحكيه أصحاب الشافعى عنه من أن الباء للتبعيض، فشئ لا يعرفه أصحابنا، ولا ورد به ثبت».
وتراه فى «سر الصناعة» فى حرف الواو، ينكر على الشافعية ما يرونه من الترتيب فى غسل أعضاء الوضوء، ويعتمد فى هذا على أن الواو لا تفيد الترتيب. وقد عطف غسل هذه الأعضاء بالواو فى الكتاب. وتراه يحتفل للرد ويفيض فيه أيما إفاضة.
وجاء ذكر الإمام أبى حنيفة فى مبحث الدور من الخصائص ٢٠٨/ ١؛ وفى هذا الموطن يذكر الجصاص أبا بكر الرازى شيخ الحنفية فى بغداد. وفى ص ٢٠٦ يذكر أبا يوسف صاحب أبى حنيفة.
***
1 / 55