وكذلك مثلت الفلاسفة لأنها شبهت الصور بالصناع والطبائع بالأدوات وقالت إن الصور صناع حذاق والطبائع أدوات مختلفة والصناع مختلفون أكار وحداد وصائغ ونجار وليس منهم صانع إلا وأداته خلاف أداة الآخر ولا يصلح عمله إلا بأداته التي تلائم صناعته لأن الأداة التي تصلح للصائغ خلاف الأداة التي تصلح للنجار وليست تنسب الصناعات إلى الأدوات بل إنما تنسب إلى الصناع لأنه ليس من أجل أن النجاريضطر في صناعته أن ينشر بالمنشار وينحت بالقدوم تنسب الصناعة إلى المنشار والقدوم بل إنما تنسب الصناعة إلى النجار وكذلك الصور مختلفة إنسان وبهيمة وسبع وطائر فالذي يصلح من الطبائع للإنسان لا يصلح للبهيمة والذي يصلح للسبع لا يصلح للطائر
فالصور تتخذ من الأدوات ما يلائمها لأنها تتخذ الإنسانية أعني النوع من الطبائع الحارة الرطبة وسائرها أدوات لطيفة تصلح لقبول النفس الحيوانية والناطقة وتلائم الاضطجاع والانتصاب والاتكاء وسائر الحركات ويتخذ نوع السبعية من الطبائع الحارة اليابسة ومن سائرها أدوات تصلح للبرا ثن الأنياب والخشونة والبطش والقوة ويتخذ نوع البهيمة من الطبائع الغليظة اليابسة ما يصلح للحوافر والأظلاف والقوائم ويتخذ نوع الطير من الطبائع الخفيفة اللطيفة ما يصلح للريش والأجنحة والطيران وكذلك كل نوع منها يستعمل من الطبائع ما يصلح له وليس ينسب ذلك الفعل إلى الطبائع وإنما ينسب إلى الصور لأنها هي التي تترأ س على الطبائع وتفعل فيها وتتخذ منها ما يلائمها فلذلك نسبوا الفعل إلى الصور وشبهوها بالصناع وجعلوا الطبائع مثل الأدوات
وسنذكر الآن خاصية الطبائع والصور ليتبين لنا ما الذي يعرض في المطبوع منها ونعلم أن كل شيء فيها مما ليس هو من خاصيتها فهو ما ينفعل في المطبوعات عن قوة حركات الكواكب بإذن الله
Halaman 96