واقع من السماء
وظهر أن «سليم أبيض» كان في هذه اللحظة واقعا من السما، وأنا الذي تلقفته. لأنني أحسست أن ماء الحياة قد عاد إلى وجهه، فوعد ووعد، بينما قلت في نفسي: «يا واد الفلوس رايحين رايحين فخليهم يروحوا بالجملة أحسن من سلسلتهم بالقطاعي!».
وتناول الخواجة سليم مبلغ الخمسة والعشرين جنيها في التو واللحظة، وترك في جيبي جنيها يقضي الليالي وحيدا بعدهم!
فلما أحسست بالنكبة التي حلت بي إذ ذاك رحت أضرب أخماسا في أسداس. وأندم على ما فعلت، ولات ساعة مندم.
وانقضى الموعد المضروب فذهبت إلى الخواجة سليم أرجو وأتضرع شاكيا مرارة الزمن وشدة الحاجة، لكن أخوك «تقيل» فلا جواب غير: «الصبر طيب يا أخي. هو احنا حناكلهم عليك والا إيه؟» فأقول له: «لا يا سيدي أنا عارف إنكم مش رايحين تاكلوهم علي. لكن أنا شخصيا عاوز آكل بهم، والا يعني عاوزني آكل طوب!».
ولم تفد الالتماسات. بل لم يرق الخواجة سليم لحالي. إلى أن أتيت على آخر مليم من الجنيه (اليتيم) الذي أبقاه لي سليم أبيض. وكنت أسكن في مصر الجديدة، فاضطررت والحالة هذه إلى اقتراض نصف فرنك قيمة أجرة المترو، ولولا ذلك لافترشت الغبراء والتحفت السماء كما يقول الشعراء!
على الحساب
نهايته. بعد عشرين يوم كاملة، بدأ الأستاذ سليم يشعر نحوي بعاطفة الشفقة والرحمة، فكان يعطيني بين يوم وآخر شلنا، أو نصف ريال (على الحساب). وأذكر أن أكبر دفعة تناولتها على الحساب كانت ثلاثة عشر قرشا عملة صاغ ميري. فتصور يا سيدي القارئ كم من الأعوام يجب أن تمر لاستهلاك ديني إذا سار السداد على هذه الوتيرة؟
شغل فكرك واستعن باللوغارتمات وحساب المثلثات، ثم نبئني بالنتيجة ....
وبعد أن أقرضت فرقة الأستاذ جورج أبيض 25 جنيها مصريا ولم يبق معي من المبلغ الذي عدت به من نجع حمادي غير جنيه واحد، وبعد أن قبلت الدفعات التي كان الأستاذ سليم أبيض يحن بها علي، من شلن لنصف ريال إلخ ... بعد ذلك تألفت فرقة (أبيض وحجازي)، وكان على رأسها بالطبع الأستاذان جورج أبيض وسلامة حجازي. ولم يكن يدفع للممثلين إذ ذاك أجر معلوم، بل نص الاتفاق على أن يكون العمل بالمساهمة، أي يربط للممثل عدد من الأسهم ثم يوزع الإيراد على الأسهم، وكل واحد وبخته بقى.
Halaman tidak diketahui