Muctamid Ibn Cabbad
المعتمد بن عباد: الملك الجواد الشجاع الشاعر المرزأ
Genre-genre
وهذه الدنيا جميع ما لديها زائل، وكل من عليها فان، فما أغنت تلك المملكة وما دفعت، وليتها ما ضرت؛ إذ لم تكن نفعت، وكل يلقى معجله ومؤجله، ويبلغ الكتاب أجله.
ونقل المقري قول علي بن القطاع في كتابه «لمح الملح» عن المعتمد بن عباد:
أندى ملوك الأندلس راحة، وأرحبهم ساحة، وأعظمهم سمادا، وأرفعهم عمادا، ولذلك كانت حضرته ملقى الرحال، وموسم الشعراء، وقبلة الآمال، ومألف الفضلاء؛ حتى إنه لم يجتمع بباب أحد من ملوك عصره من أعيان الشعراء وأفاضل الأدباء ما كان يجتمع ببابه وتشتمل عليه حاشيتا جنابه.
وفي «نفح الطيب»:
وقال الفقيه القاضي أبو بكر بن خميس - رحمه الله تعالى - حين ذكر تاريخ بني عباد: وقد ذكر الناس للمعتمد من أوصافه ما لا يبلغ مع كثرته إلى إنصافه، وأنا الآن أذكر نبذة من أخباره، وأردفها بما وقفت عليه من منظومات أشعاره، فإنه - رحمه الله تعالى - جم الأدب رائعه، عالي النظم فائقه.
6
ويقول المراكشي في كتاب المعجب:
وكان المعتمد هذا يشبه بهارون الواثق بالله من ملوك بني العباس، ذكاء نفس وغزارة أدب، وكان شعره كأنه الحلل المنشرة، واجتمع له من الشعراء وأهل الأدب ما لم يجتمع لملك قبله من ملوك الأندلس، وكان مقتصرا من العلوم على علم الأدب وما يتعلق به وينضم إليه.
وكان فيه مع هذا من الفضائل الذاتية ما لا يحصى ؛ كالشجاعة والسخاء والحياء والنزاهة، إلى ما يناسب هذه الأخلاق الشريفة، وفي الجملة فلا أعلم خصلة تحمد في رجل إلا وقد وهبه الله منها أوفر قسم، وضرب له فيها بأوفى سهم، وإذا عدت حسنات الأندلس من لدن فتحها إلى هذا الوقت؛ فالمعتمد هذا أحدها بل أكبرها.
هذا كلام مؤلف من المغرب عاش في القرن السابع، بعد المعتمد بقرنين لا يمدح رغبة ولا رهبة، ولست أوافقه في كل ما قال، ولكني أنقل قوله وقول غيره؛ إشهادا على ما اعتقده أدباء الأندلس والمغرب وشعراؤها ومؤرخوها في المعتمد بن عباد، وما كان لسيرته من الأثر في نفوس أهل عصره، والعصور التي تلته.
Halaman tidak diketahui