138

Muktibar

المعتبر (ج3) لأبي سعيد الكدمي

Genre-genre

كما أنه لا نعلم خلافا على أن دم الحيوان البري نجس، ولكن الخلاف ورد في دم السمك، والدم القليل من غير البحري من الحيوانات، ومذهبنا أن دم السمك طاهر، وقاعدتنا أن الدم الخارج من مكانه من ذلك الحيوان نجس، وأحسب أن هذه الأشياء لا يلحقها معنى أشباه الحيات والأماحي من طريق أكل الدواب الميتة، ولا مما يشبهها، وإنما يلحقها الاسترابة من طريق المراعي عندنا، وشبه ذلك وكل ذلك مستراب، ولا يبعد من معاني ما يلحقه من أحكام الاسترابة من النجاسات.

ومعي أن كل ما يخرج من دبر أو قبل من فضلة أو رطوبة أو حيوان أو طعام أو ماء دخل الجوف فخرج ولم يتغير بصفة عن حاله، وكل ما خرج من خيشوم أو حلق فوجد طعمه كالقلس والقيء والرجيع والقيح، وكل جسم غريب وصل الجوف ثم خرج، سواء كان من أعلى أو أسفل فهو نجس، ويخرج من معاني بعض القول أشباه ذلك كله بمعنى الحيات والأماحي في جميع ما مضى من القول من فساد أسئارها وأبعارها وأبوالها ولحومها، وجميع رطوباتها، الجميع لمعنى ما ذكرنا من الاسترابة وأشباهها لبعضها بعض، لمعاني النجاسات وإن اختلفت النجاسات فمعانيها واحد.

ومعي أنه اختلف أهل العدل من المسلمين في كل دم مجتلب في ذات روح من دابة أو طائر من البريات: فقال من قال: إن كل دم مجتلب ليس بأصل في ذات ذوات الروح من الدواب، والطير من البريات فهو طاهر، لأنه معهم بمنزلة الدم الميت المتحول عن حاله إلى حال غيره، ولو كان في أصله فاسدا، فقد تحول عن أصله إلى غيره باحتماله في ذات غيره مما لا دم فيه.

وقال من قال: إن ذلك الدم فاسد، لأنه دم بعينه وحيثما تحول فهو دم فاسد، وكل ذلك جائز.

والقول الأول أوسع، والقول الآخر أحوط.

ويوجد في ذلك قول ثالث: إنه لا يفسد به عند الضرورة إليه، ويفسد به عند السعة بغيره وإلى غيره، وهذا قول حسن، والله أعلم.

Halaman 141