146

Pengasas Mesir Moden

الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة

Genre-genre

ومن هنا بدأت المفاوضات التي قام بها بالمرستون بواسطة بونسيني لمراجعة قواعد التجارة الإنجليزية في داخل بلاد الإمبراطورية العثمانية، وهي المفاوضات التي أدت إلى الاتفاقية التجارية التي أمضيت في سنة 1838م، وقد نصت هذه الاتفاقية بصراحة على إلغاء نظام الاحتكار، وهو ما أصر بالمرستون على تطبيقه في مصر مدافعا عن رأيه بقوله: «ولعله يتبين لكل إنسان له إلمام بالمبادئ التي تقوم عليها أسس رخاء الأمم ويسرها ... أن النظام الذي يتبعه الباشا الخاص بالاحتكار ... سوف يؤدي حتما إلى جعل مصر وسوريا في حالة فقر مدقع.»

80

وما كاد يتم توقيع الاتفاقية حتى طلب بونسيني إلى القناصل في سوريا أن يوافوه بقائمة ما احتكرته حكومة الباشا من الامتيازات، فأبلغه قنصلا حلب ودمشق بأنه لا توجد لتلك الامتيازات قائمة، أما قنصل بيروت فقد بعث بقائمة طويلة دلت عند الفحص على أن الرجل يخلط بين الامتيازات وبين إيراد الضرائب.

81

أما في مصر، فقد كانت الحالة أوضح مما كانت في سوريا. نعم كان الباشا محتكرا لبعض الامتيازات، ولكن الأمر لم ينظر فيه جديا إلا بعد تسوية أزمة سنة 1940م؛ وذلك للسبب الرئيسي الخاص بتأخير إبلاغ الفرمانات اللازمة الواردة من الآستانة. وقد ظهر وقتئذ مبلغ الصعوبة في مصر مدى هذه الامتيازات؛ لأن المقادير الهائلة من محصول القطن أو السكر أو غير ذلك من النتاج الذي كان تحت إشراف الباشا كانت هذه المقادير تسلم إليه؛ إما لأنه صاحب جفلك أو كأنها جزء من إيراد أطيان الدولة.

وقد ظل بالمرستون يبعث برسائل

82

غاضبة تنطوي على التهديد والوعيد، ولكن آراء رجال التجارة في كل من الإسكندرية والقاهرة كانت قلقة ومتذمرة من جراء سياسته السالفة التي ربما لم تكن تعلم تماما ما هي «المبادئ التي تنظم ثروة الأمم»؛ ولذا فإن التجار المذكورين لا يسعهم مساعدة القنصل برفع الشكاوى إليه.

83

وكان يوجد إلى جانب ذلك سبب آخر جعلهم ينظرون إلى الاتفاق التجاري بعين السخط ويتقززون من تطبيقه على مصر؛ لأن الاتفاق من حيث علاقته بمصر قد أعد لا لنفع التجارة الإنجليزية، بل لنقص إيرادات الباشا بتجريده من امتيازاته العديدة. ومهما كان الاتفاق مفيدا ونافعا في الآستانة، أو في أزمير، أو في ما عدا ذلك من المواني الخاضعة لحكم السلطان؛ فإنه كان على العكس من ذلك في مصر لأن المصدر الإنجليزي كان مطالبا بمقتضى الاتفاق المذكور بأن يدفع 12٪ بدلا من 3٪، كما أن المحاصيل في سوريا إذا صدرها التجار الإنجليز جميعا فإنها تأتي بثمرة قدرها 2٪ بدلا من 12٪، أما التجار الأجانب فإنهم طبعا يظلون يدفعون على حساب الأسعار القديمة؛ ولهذا كان يوجد مبرر قوي لسخط التجار على سياسة بالمرستون.

Halaman tidak diketahui