Sejarah Mesir di Zaman Khedive Ismail Pasha
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Genre-genre
وأما عربة (إسماعيل باشا) وفؤاد باشا، فإن الجوادين فيها أجهدا تعبا، أدى بهما إلى التوقف عن المسير، بالرغم من كل حث وتحريض، فاضطر الراكبان الكريمان أن ينزلا منها ويمتطيا جوادين آخرين.
وهكذا سار الموكب، والعثير وراءه يتناول عنان السماء، حتى بلغ الأهرام، حيث كانت موائد الطعام قد مدت في الصواوين المعدة لذلك كأنها في أكبر القصور اشتمالا على معداتها.
فاستراح القوم ثم أكلوا، وبعد ذلك أقبل عبد العزيز يسرح الطرف ويستفهم متخطيا من جوار هرم خوفو، إلى الرابية البارز من قمتها أبو الهول ، والمعبد المصري القديم الذي بجواره، ومقبرته، وامتطى جوادا إلى هرم منقورا الذي كان لا يزال معظم جزئه الأعلى مكسوا بطلائه العجيب، فإلى هرم نيتوكريس الأحمر الجميل!
ألا ليت شعري! من ينبئني بما جال في مخيلة سلالة سلاطين آل عثمان، وهم يتجولون حول آثار الفراعنة الخالدة، الدالة على عظمتهم الزائلة، والقائمة على مدخل الصحراء الشاسعة، معالم ماض كان قصيا، وقتما خط التاريخ أول صفحاته! من ينبئني بما قالت لهم - لا سيما لعبد الحميد - عينا أبي الهول السريتان الشاخصتان بصفاء أبدي أمامهما، كأنهما تريدان أن تحجبا مكنونات الأيام وراءه؛ وتشعران الحاضر، مهما كان فخما عظيما، بضآلته، تجاه مجموعة المفاخر البشرية، التي حركتها القرون بالتتابع (من خوفو إلى أوزورتسن، وآمنمحهت؛ ومن أحمس إلى توطمس وآمن هوتب؛ ومن راع مسيس إلى نيخاؤ وبتامتك؛ ومن كمبيز إلى إسكندر الأعظم والبطالسة الأماجد؛ ومن قيصر الأكبر إلى هدريان وديوكليسيان؛ ومن عمرو بن العاص إلى أحمد بن طولون والمعز لدين الله؛ ومن صلاح الدين إلى بيبرس وقلاوون وبرقوق وبرسباي وقايتباي؛ ومن سليم الرهيب إلى پونابرت العجيب) كسينما توغراف أمام تينك العينين؛ ثم وارتها في طيات الدهور!
ولما مالت الشمس إلى الغروب عاد الموكب السلطاني إلى الجيزة وتناول الجميع طعام العشاء في سرايها البديعة - ولم يكن (إسماعيل) قد أجرى فيها التحسينات التي صيرتها فيما بعد لؤلؤة قصوره، ودرة منتزهاته الخصوصية. ثم رجع السلطان إلى القلعة وما استقر فيها برهة إلا وحانت صلاة العشاء، فقام ينادي بها، بعد إطلاق المدافع، خمسة عشر مؤذنا اختيروا اختيارا دقيقا لجمال أصواتهم وأخذوا يتبارون في التلحين والإنشاد مباراة حملت كل من سمعهم على الظن بأنهم بلابل الفضاء برزت من خلواتها تشجي بأنغامها المطربة، في ذلك المساء المجلوة سماؤه، ضيوف مصر وواليها.
وكان الغد يوم الأربعاء، خامس عشر أبريل، فجعل يوم راحة عامة وخصص لتجهيز معدات السفر إلى الإسكندرية.
فلما بزغت شمس يوم الخميس، سادس عشر أبريل، ازدحمت شوارع العاصمة وساحاتها وظهور منازلها ودرجات سلالم جوامعها، بجماهير الناس على اختلاف مللهم ونحلهم وأجناسهم، انتظارا لمرور السلطان وموكبه العظيم - وحالما وافت الساعة التاسعة صباحا، أخذت المدافع ترمي طلقاتها بين كل دقيقة وأخرى إيذانا بالرحيل، لغاية الساعة العاشرة، حتى إذا دقت هذه، نزل السلطان من القلعة بموكب فخم، مهيب؛ فمر على تلك الجماهير محييا مسلما، وأمر بأن توزع مبالغ طائلة من المال على فقراء العاصمة وخدمة مساجدها.
فانطلقت ألسن تلك الجماهير بالدعاء لجلالته؛ وذرفت عيون كثيرة دموعا سخينة في توديعه، وما زالت أصوات الدعاء ترتفع من كل فم، إلى أن بلغ الموكب القطار المعد له، فأقله، فشخصت إليه الأبصار، وشيعته القلوب حتى توارى.
وكان السلطان قد أبدى عزمه على زيارة المقام الأحمدي بطنطا، فأقيم له صيوان فخم بجوار محطتها، ولكنه رجع عن عزمه في آخر لحظة، واكتفى بإيقاف القطار قليلا قبالة ذلك الصيوان، لكي تتمكن الجماهير الغفيرة، المزدحمة هناك، من استجلاء منظر وجهه البهي، والقيام بفروض الدعاء له.
ثم سار إلى الإسكندرية ونزل في سلاملك رأس التين الذي كان قد أقام فيه.
Halaman tidak diketahui