نظر إلي باسما ومستطلعا فقلت: زهرة!
رفع حاجبيه الكثيفين ولكنه أرخى عينيه في تسليم، فقلت: إنك فلاح كريم فلا تبخل علي.
فقال بوجوم: الحق أني لا أفهمك.
ضحكت ساخرا وقلت: سأكون صريحا معك كما يجدر بالأصحاب، أتعطيها نقودا أم تعطي المدام؟
فقال بإنكار: لا .. لا .. ليس الأمر كما تتصور. - إذن فكيف أتصوره على حقيقته؟ - إنها فلاحة طيبة، ليست ... صدقني ... - ليكن. الظاهر أني استوقفت سيارة «ملاكي» بظن أنها تاكسي.
فريكيكو، لا تشغل بالك بأشياء تافهة. الخطأ أنني صادقت زمنا عدوا وأنا أحسبه الصديق. ولكني سعيد بحريتي. لقد قذفت بي طبقتي إلى الماء والقارب يميل إلى الغرق، ولكني سعيد بحريتي. ولا ولاء عندك لشيء. سعادة عظمى ألا يكون لك ولاء لشيء. لا ولاء لطبقة أو وطن أو واجب. لا أعرف عن ديني إلا أن الله غفور رحيم.
فريكيكو .. لا تلمني. •••
انفجرت في الخارج ضجة لا عهد للبنسيون بها.
كنت مستيقظا لتوي من القيلولة فخرجت إلى الصالة. وضح لي أن ثمة معركة في المدخل. نظرت في فرجة البارفان فرأيت مشهدا مسليا حقا. امرأة غريبة ممسكة بتلابيب صديقنا البحيري تنهال عليه ضربا وسبا. وزهرة واقفة متوترة الأعصاب تنطق بكلمات سريعة وتحاول التخليص بينهما. المرأة تنقض على زهرة فجأة، ولكن زهرة أثبتت أنها مصارعة ذات جبروت. لكمتها مرتين، وفي كل مرة أطاحت بها حتى ألصقتها بالجدار. إنها جميلة ولكنها خفير ذو قبضة حديدية. لبثت متواريا لأتيح لنفسي أكبر قدر من تسلية فريدة حقا. ولكني عندما ترامى إلي صرير أبواب خرجت من مكمني، فأخذت المرأة الغريبة من معصمها، وذهبت بها خارجا وليس علي - عدا البيجاما - إلا الروب. دفعتها برقة أمامي، معلنا لها عن أسفي، واضعا نفسي في خدمتها. كانت تغلي بالغضب غليانا، وتسب وتلعن، ولم يبد عليها أنها أحست بوجودي بعد. إنها امرأة لا بأس بها وقد أوقفتها عند بسطة السلم بالدور الثاني وأنا أقول: انتظري لحظة، يجب أن تصلحي حالك قبل الخروج إلى الشارع.
سوت شعرها، وشبكت طوق فستانها الممزق بمشبك من شعرها، ثم أعطيتها منديلا معطرا لتمسح به وجهها. - سيارتي أمام العمارة، سأوصلك إذا سمحت بها.
Halaman tidak diketahui