129

============================================================

21297 ربع العبادات / حتاب اسرار الصلاة ومهماتها واعلم أن قلع خب الدنيا من القلب أمر صعب، ولشدة مرارة الدواء بقيت العلل مزمنة وصار الداء عضالا، وعلى قدر الاجتهاد في قلع ما يمكن يحصل الصفاء، وزوال ذلك المؤذي بالكلية أمر عزيز، فليقع الاجتهاد في الممكن منه، والله الموفق.

بيان تفصيل ما ينبغي أن يحضر في القلب عند كل شيء من الصلاة إذا سمعت نداء المؤذن فمئل نداء القيامة، وشمر للإجابة، وانظر بماذا تجيب وبأي بدن تحضر، وإذا أتيت بالطهارة في مكان الصلاة وهو ظرفك الأبعد، ثم في الثياب وهي غلافك الأقرب، ثم في البدن وهو القشر الأدنى، فلا تغفل عن تطهير(1) لبك، وهو القلب، فإنه محل نظر المعبود وتطهيره بالندم على ما فرط ، والعزم على ترك العؤد، وإذا سترت عورتك، فاعلم أن المراد من ذلك تغطية مقابح بدنك عن أبصار الخلق، فما رأيك في عورات باطنك وفضائح سرك التي لا يظلع عليها إلا ربك، وليس لها عنه ساتر، وإنما يكفرها الندم والحياء والخوف.

وإذا استقبلت القبلة فقد صرفت وجهك عن الجهات إلى جهة بيت الله، فاعلم أن صرف قلبك إلى الله أوفى من ذلك المطلوب، وكما أنه لا يتوجه الوجد إلى جهة البيت إلا بالانصراف عن غيرها، فكذلك القلب لا ينصرف إلى الله تعالى إلا بالانصراف عن ما سواه، وإذا استقام بدنك في قيامه، فأقم قلبك متواضعا لعظمة ربهن وتذكر قيامك لديه في القيامة، فإن لم تعرف كنه جلاله فقم قيام عبد بين يدي ملك من الملوك: وإذا نويت الصلاة فاعزم على إجابته في امتثال أوامره، وإذا كبرت فلا يكذبن قلبك لسانك؛ لأنه إذا كان في قلبك شيء أكبر من الله تعالى، فقد كذبت، واحذر أن يكون الهوى عندك أكبر بدليل إيثارك موافقته عل طاعة ربك، واحذر من الكذب في قولك: وجهث وجهي فإنه إن كان متوجها إلى هواه فما توجه إلى الله.

(1) في (ظ): "تطهر".

Halaman 129