============================================================
وهو أرمد، ويسلمه إلى المعلم الغليظ السائس، ويحبسه طول النهار عنده ويضجره، ويحمله إلى الحكام ليحجمه فيرجعه ويقلقه؟ أترى منع ذلك من بخل فيه ؟1 كيف وهو يعطي الأجانب ويوسع عليهم ؟! أو هوان لهذا الولد عنده ؟ كيف وهو يكنز له جميع ما في يده ؟! أو قصد بذلك إتعابه وإيذاءه لبغض له؟ كيف وهو قرة عينه، وثمرة فؤاده ، لو هبت عليه ريخ.. لعز عليه ذلك ؟!
كلا ، وللكن لما علم أن صلاحه في ذلك ، وأن بهلذا التعب القليل يصل إلى خير كثير، ونفع عظيم: وما تقول في الطبيب الحاذق الناصح المحب إذا منع المريض الدنف شربة ماء وهو ظمآن يتقلى كبذه(1) ، وسقاه شربة إهليلج كريهة(2) ، تجزع عن ذلك نفسه وطبعه؟ أترى أن ذلك منه معاداة وإيذاء 14 كلا ، بل هو نصح وإحسان لما علم يقينا أن في إعطائه شهوته ساعة هلاكه وعطبه رأسا، وفي منع ذلك شفاؤه وبقاؤه.
فتأمل أيها الرجل إذا حبس الله عنك رغيفا أو درهما ، فتعلم يقينا أنه يملك ما تريد، ويقدر على إيصاله إليك، وله الجوذ والفضل، ويعلم حالك فلا يخفى عليه شيء، فلا عذم ولا عجز، ولا خفاء ولا بخل، تعالى الله عن ذلك وتقدس؛ فإنه أغنى الأغنياء، وأقدر القادرين ، وأعلم العلماء ، وأجود الأجودين، فتعلم إذن بالحقيقة أنه لم يمنغك إلأ لصلاح واختيار لك، كيف وهو الذي يقول : خلق لكم ما فى الأرض جميعا) ؟
كيف وهو الذي جاد عليك بمعرفته ، وهي التي تتلاشى في جنبها الدنيا بأسرها؟
وفي الخبر المشهور : ( إن الله سبحانه وتعالى يقول : إني لأذود أوليائي عن
Halaman 193