============================================================
هو رأي أهل السنة، وبتقديره الذي ذهب إليه المعتزلة. أنه أضجعه وأمر السكين على حلقه فلم تقطع شيئا وبتقديره. فذاك مقتل واحد، وهذه مقاتل عديدة: شق الصدر، ثم إخراج القلب، ثم شقه، ووقع له صلى الله عليه وسلم من ذلك الشق الأول نوع مشقة ؛ لرواية : (فأقبل وهو منتقع اللون) أي : صار كلون النقع؛ أي الغبار، وهو شبيه بألوان الموتى: ومعنى قول ابن الجوزي: فشقه وما شق عليه: أنه صبر صبر من لم يشق عليه، ومما يدل على المشقة أنه بعدما فطم (1)، مع انفراده عن أمه ويتمه من أبيه واختطافه من بين الأطفال ؛ ليكون ذلك تسهيلا لما يلقاه في المآل ، ومن ثم لما شج وجهه وجرح وكسرت رباعيته يوم أحد.. قال : " اللهم ؛ أغفر لقؤمي فإنهم لا يغلمون "(2) وفي رواية : ( أنه غسل ليلة الإسراء بماء زمزم) (3) أي : لأنه يقوي القلب ويسكن الروع .
وأخذ البلقيني من إيثار الملك له على ماء الكوثر: أنه أفضل منه ، وهو ظاهر خلافا لمن نازع فيه بما لا يجدي، كما بينته في " شرح العباب" ، وفي وضع الإيمان والحكمة بالقلب دليل لما عليه اكثر أهل السنة أن العقل في القلب - كما دلت عليه الآيات - لا في الدماغ.
تنبيه ثان : قال عياض رحمه الله تعالى : (خاتم النبوة أثر شق الملكين بين كتفيه) وأبطله النووي رحمه الله بأن شقهما كان في بطنه وصدره؛ أي: كما في الروايات(4)، ومن ثم صح عن أنس رضي الله عنه : (كنت أرى أثر المخيط في صدره)(5) فالصحيح أو الصواب: أنه كان عند نغض كتفه الأيسر، وهو: بنون مضمومة وقد تفتح فمعجمتين : أعلاه، ورواية الأيمن ضعيفة، قيل: ولد به وروى آبو نعيم: آنه جعل عقب ولادته، والذي في حديث البزار وغيره عن أبي (1) أي : أن الشق حصل بعد أن فطم عليه الصلاة والسلام.
(2) أخرجه البخاري (3477)، وأحمد (441/1)، والطبراني في " الكبير" (120/6) والبيهقي في الشعب " (1447) (3) أخرجه البخاري (349)، ومسلم (162) 4) شرح صحيح مسلم (99/15) 5) أخرجه مسلم (162)، وابن حبان (1334)
Halaman 84