Dari Tingkap
من النافذة
Genre-genre
وصوبت عينها إلى ثيابها وأجالتها فيها، ورفعت كفها إلى شعرها تسويه.
قلت: «ما لك!»
قالت: «لا زينة، ولا ثياب جميلة، وشعري منفوش وشكلي ملخبط وحالي اليوم حال».
قلت: «سبحان الله العظيم! ولماذا تخصيني أنا دون خلق الله بمزية هذه اللخبطة؟»
وتعجبت للمرأة، لماذا تعنى أول ما تعنى بمنظرها، وكيف تبدو في عين الرجل ولا يعنيها أن يعجب أول ما يعجب بعقلها، أو أدبها، أو غير ذلك مما يجري هذا المجرى، ولا ترى في هذا زينة كافية لها، أو جمالا هو حسبها ... ولو أن رجلا أثنى على عقل امرأة أو سعة اطلاعها أو حسن أدبها أو حكمتها، أو حزمها في تدبير أمورها، وأمسك وأقصر، لسرها هذا وساءها في آن معا؛ فأما أنه يسرها، فلأنه ثناء والسلام، وكل ثناء حبيب إلى النفس ولو كان بغير الحق.
حدثني صديق ظريف أن رجلا أقبل على وال من ولاة الترك القدماء وراح يمدحه ويذكره بكل خير، ويبدئ ويعيد في صفة عدله وشجاعته ومروءته وسخائه وعقله وأدبه وعلمه ... إلى آخر ذلك، فقال الوالي - وكان مجربا عاقلا -: «اسمع يا بني، إن كل ما قلت في كذب، ولكنه لذيذ، ووقعه في النفس حميد، فأعد يا بني، أعد، وأطل كيف شئت!»
وأعود إلى ما استطردت عنه فأقول: ولكن المرأة خليقة أن يسوءها من مثل هذا المدح أنه لا يمتد إلى ثوبها وحسن تفصيله على قدها الرشيق وجمال لونه أو ألوانه، وبراعة الافتنان في وشيه، أو إلى حذائها ودقته، أو جوربها الرقيق النسج الذي يشف عما تحته، أو شعرها وتصفيفه، أو عقدها أو قرطها، أو عطرها وطيبها، أو حتى وشمها إن كانت ممن يوشمن - على قلتهن.
وإني لأدرك أن هذا راجع إلى وظيفتها في الحياة، فما هي في الأصل بأكثر من أداة للنسل. وإن كان هذا لا يمنع أنها تستطيع أن تجاري الرجال في بعض ما يعالجون. ولكن هذا دليل على ماذا؟ أليس هو الدليل على الاختلاف الأصيل الذي يغري بعض الناس بالقول بأنها مخلوق آخر؟
وتحت نافذتي اليوم معرض أزياء وأذواق، فإنه الأحد، والساعة العاشرة، والنساء كثيرات على الرصيف في حلل شتى، ومع بعضهن حقائب صغيرة أو سلال فيها على الأرجح طعام وشراب، ومع بعضهن أزواجهن أو إخوتهن أو أصدقاؤهن، وفيهن العجوز والصغيرة والنصف، ولكنهن جميعا في حفل من الزينة، وليس بينهن مصرية إلا أن تكون عابرة سبيل، ومن أين تجيء المصرية وهي لا تخرج إلا لقضاء حاجة أو زيارة أو سينما أو نحو ذلك، ولا تحسن أن تقضي ساعات الراحة أو يومها أو أيامها إلا في بيتها، وفي مباذلها؟ ومن المصريات من لسن كذلك، ولكن هؤلاء نادرات، والنادر لا حكم له ولا قياس عليه.
وتساءلت - وعيني على هذه الثياب الحسنة - عن المصرية - في الأغلب والأعم - كم دقيقة أو ثانية يراها بعلها في مثل هذا الهندام الجميل؟ وقلت في جواب ذلك: إني أحسب أن عامل الترام أو البائع في دكان، أعرف بثياب المرأة من زوجها، وأطول رؤية لها في زينتها.
Halaman tidak diketahui