Dari Aqidah ke Revolusi (1): Pengenalan Teori
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
Genre-genre
11
فإذا كان المعدوم معلوما فهل هو موجود؟ وإذا كان موجودا فهل هو شيء؟ وإذا كان شيئا، فماذا يعني الشيء؟ والحقيقة أن المعلوم قد يكون موجودا وقد يكون معدوما، وقد يكون شيئا وقد يكون لا شيئا. فالمعلوم أعم من الموجود ومن الشيء؛ إذ يمكن العلم بالصفر في الحساب وبالنقطة في الهندسة وبالعدم في الفلسفة. كلها موضوعات صورية؛ إذ لا يعني الوجود بالضرورة الوجود الحسي، بل قد يعني الوجود الصوري أو الوجود الشعوري. كما يمكن العلم بالمستحيلات والمتناقضات والمتضادات وهي من المعدومات. فهناك منطق للمستحيلات والمتناقضات والمتضادات وهي من المعدومات. فهناك منطق للمستحيل ومنطق للتضاد ومنطق للتناقض. فإذا قيل العدم موجود، فقد يعني الوجود هنا السلب أو الحرمان أو النقص أو الغياب أو الفراغ أو العدم الخالص، وهي كلها أنماط وجود. هناك ميتافيزيقا للعدم، وحساب للمجهول في الرياضيات وحساب الصفر. واعتبار المعدوم موجودا وموضوعا للعلم يجعل العلم صوريا خالصا كما يجعله مطلقا لا حدود له (المعتزلة)، في حين جعل المعدوم عدما لا يكون موضوعا للعلم هو إيثار للعلم الموضوعي الذي لا يتناول إلا الموجود (الأشاعرة).
12
ويبدو أن المزايدة في الدين تؤدي إلى الوقوع في المادية، في حين أن الفكر النزيه يؤدي إلى الصورية ويكون أكثر تنزيها من الفكر الديني الصريح. والحقيقة أن موضوع العلم الذي يتفاوت بين المعدوم والموجود هو أساسا موضوع شعوري. ففي الشعور وجود وعدم، حضور وغياب، ملاء وفراغ، عطاء وأخذ، إرسال واستقبال، إيجاب وسلب. ويقارب موقف الحكماء موقف المعتزلة في إثبات المعدوم لاعتمادهم عليه في قسمة الموجود إلى تحقق في الخارج وهو الموجود الخارجي، والتحقق الذهني وهو الموجود الذهني. والموجود الخارجي إن كان لا يقبل العدم لذاته فهو الواجب لذاته، وإن كان يقبله فهو الممكن لذاته؛ فتعريف الموجود لذاته قائم على الضد وهو امتناع العدم لذاته، وتعريف الممكن لذاته قائم على الشبيه وهو إمكان العدم لذاته؛ مما يدل على استحالة الحديث عن الوجود لذاته دون قلبه من الضد أي العدم لذاته. فالوجود لذاته أو واجب الوجود من المفاهيم المتضادة منشؤها العدم والتغير والإمكان؛ أي العالم الحسي المتغير. ويرتبط إثبات المعدوم أو نفيه بمسألة تأثير الفاعل المختار ومسألة جعل الماهيات بناء على أن الجعل هو التأثير.
13
ولا يعني ذلك بالضرورة وجود إرادة خارجية مشخصة، بل يمكن أن يكون من إرادة الإنسان وفعله واختياره الذي يوجد من عدم ويعدم بعد إيجاد. ويصعب الحديث عن المعدوم هل تتساوى ذواته وهل تتمايز لأنه نقص محض لا وجود فيه، بل هو سلب وجود، ولا تمايز في السلب.
14
وقد تكون علاقة الموجود بالمعدوم علاقة لغوية منطقية صرفة يعبر عنها بلغة الإثبات والنفي. فالمعلوم إما أن يكون متحققا في الخارج وهو الوجود أو غير المتحقق في الخارج وهو المعدوم. المعلوم متحقق في الخارج وليس مجرد وجود ذهني وإلا كان معدوما. فالمعرفة والوجود متطابقان. وتدخل في هذا التطابق نظرية الحكم. ومن ثم يكون الوجود هو الثابت والمعدوم هو المنفي، فالثابت أعم من الموجود والمنفي أعم من المعدوم. يدخل الوجود والعدم إذن في نظرية أعم هي نظرية الإثبات والنفي. وبالتالي ترجع نظرية الوجود إلى نظرية الحكم، وهي التي تجمع بين نظرية الوجود ونظرية المعرفة.
15
وتتفاوت درجات المعدوم من العدم المنطقي المطلق وهو التناقض إلى العدم الناشئ عن غياب القدرة، ولكن يمكن أن يوجد إن وجدت. وقد ينشأ العدم من الزمان كالأشياء التي وجدت في الماضي ثم لم تعد توجد في الحاضر، أو من الأشياء التي لا توجد في الحاضر، ولكنها قد توجد في المستقبل؛ فالعدم يحيل إلى القدرة والزمان؛ أي إلى البعد الشعوري في العدم باعتباره أحد عناصر الموقف الإنساني في علاقاته بالأشياء وبالآخرين.
Halaman tidak diketahui