153

Micyar

المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب

Genre-genre

[ 115/1] الدعوى. ومن هذا البحث تعلم أن في احالتهم التنجيس على الدم المسفوح اشكالا لأنهم إن عنوا بالمسفوح الذي فسروه بالجاري ما كان جاريا بحسب الفعل والحصول لزم طهارة ما انعقد من الدم الكثير الذي كان جاريا, وهو باطل كما مر, وأن عنوا به كان جاريا بحسب القوة والقبول أو ما يصح على جنسه أن يجري لزم نجاسة ما لم يظهر منه كالباقي في العروق, وهو باطل بالإجماع المتقدم. والأولى أن يقال الدم كله نجس محرم عملا بمقتضى قوله تعالى في الآيتين والدم. وهذا الحكم فيه أمما يكون فيما ظهر منه, إذ لا يسمى دما إلا بعد معاينته وظهوره, وأما حالة كونه باطنا في العروق فلا نسلم أن هذا الاسم يتناوله, سلمنا لكن لا نسلم أن مراده بحكم الآية لما قدمنا, ولأن هذا الحكم إنما يناط بما ظهر لا بما بطن على ما استقرىء من أصول الشريعة. فإذا تقرر هذا فمعنى قوله تعالى والدم أي الظاهر الذي يقع عليه في الخارج اسم الدم, وهذا معنى قوله تعالى في الآية الأخرى مسفوحا أي مهراقا, لأن معنى سفحت الدم والماء هرقته . وعلى هذا فلا تعارض بين الآيتين أصلا لا بالعموم ولا بالخصوص إن قلنا إن الدم عام بناء على أن ال في اسم الجنس للعموم, ولا بالاطلاق والتقييد إن قلنا أن تعريف الاسم المفرد بال لا يعم خلافا للأكثر في اعتقادهم أن الآيتين من هذا القسم الثاني, ولبعضهم في أنها من الأول. ومع كل طائفة بحث يطول ذكره, وإنما في قوله تعالى والدم بعض إجمالي لما عسى أن يتوهم منه انه يتناول الباطن الذي لا يراه بالحكم هنا كما قدمنا, فجاء قوله تعالى مسفوحا زيادة بيان ورفع لذلك الايهام. ولو سلم عموم الدم كما ذهب إليه بعضهم لما صح ادعاء تخصيصه بالآية الأخرى, لفوات شرطه الذي هو المعارضة, وتكون على تقدير تسليمه من موافقة الخاص حكم العام الذي لا يوجب تخصيصا عن أكثر العلماء.

Halaman 153