124

Meditations

تأملات

Penyiasat

(إشراف ندوة مالك بن نبي)

Penerbit

دار الفكر

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٩٧٩م.

Lokasi Penerbit

دمشق سورية

Genre-genre

يكن للمصنع أن يعطيها أي قيمة إقتصادية، لولم تكن فيها أولًا وقبل كل شيء قيمتها الطبيعية. فلو أننا نقلنا هذه البديهيات إلى مستوى الإنسان، فإنها تفسر لنا لماذا نجده أحيانًا عنصرًا حيًا في التاريخ ويسيطر على الأحداث، وأحيانًا نجده ساكنًا تسيطر عليه الأحداث. إن الملاحظة تجبرنا على أن نقدر للإنسان قيمتين: قيمته إنسانًا، وقيمته كائنًا اجتماعيًا، قيمة توهب له في طينته الأولى بما وضع الله فيها من تكريم، وليس لظرف من الظروف ولا لأحد من الناس أن يغير منها شيئا، كما أنه لا يمكن لأي ظرف أن يغير شيئًا من خصائص عينة الزنك. وقيمة أخرى تعطى له بعمليات اجتماعية معينة، تمامًا كما تعطى العمليات الصناعية لعينة من الزنك قيمتها العملية. وبعبارة أخرى إن الإنسان يمثل معادلتين: معادلة تمثل جوهره إنسانًا صنعه من أتقن كل شيء صنعه، ومعادلة ثانية تمثله كائنا اجتماعيًا يصنعه المجتمع. ومن الواضح أن هذه المعادلة الأخيرة هي التي تحدد فعالية الإنسان. إنسان في جميع أطوار التاريخ لا يتغير فيه شيء، بل تتغير فعاليته من طور إلى طور. وهذا يعني أن شخصيته ليست بالبسيطة، وإنما هي مركبة تشتمل على عنصر ثابت يحدد كيانه إنسانا وعنصر متغير يحدد قيمته كائنًا اجتماعيًا. وهذا يجعلنا نصوغ مشكلته صياغة جديدة وأن نتساءل: ما هي الظروف التي تجعل المجتع يخلق في الفرد القيمة التي تبعث فيه الفعالية.؟ إننا حينما ندرس مجتمعا ما في حقبة من الزمن كافية لتعطينا خبرة بشؤون المجتمعات في مختلف أطوارها، نرى أن المجتمع نفسه يكون أحيانًا في حالة ركود وكساد. ولو أننا قد حللنا في مثل هذه الحالة الوضع النفسي، الذي يكون عليه الفرد، فإننا نراه يتمتع بصورة واضحة بشعور الاستقرار. فلا يحتويه أي قلق

1 / 135