Sikap Terhadap Metafizik
موقف من الميتافيزيقا
Genre-genre
فاللفظة من ألفاظ اللغة لها وظيفتان: إحداهما وصفية، والأخرى شعورية، أما الأولى فيمكن التحكم فيها بغير مشقة، إذ تستطيع أن تغير معنى اللفظة الوصفي في أي وقت تشاء، كأن تؤلف كتابا، وتقول للقارئ في مقدمته: إني سأستخدم اللفظ الفلاني في هذا الكتاب بالمعنى الفلاني، فيقبل القارئ هذا المعنى الجديد للفظ بغير غضاضة ولا نفور، قل له مثلا: إني سأستخدم كلمة «ثقافة» بمعنى الإنتاج الفني والعلمي، تره لا يقيم اعتراضا حتى لو كان رأيه السابق هو أن لكلمة «ثقافة» معنى آخر؛ لأنه يعلم أن المعاني الوصفية للكليات مرهونة باتفاق الناس، ولهم أن يغيروها كيف شاءوا ومتى شاءوا، لكنك لا تستطيع أن تغير المعنى الشعوري لكلمة معينة بهذه السهولة في نفس القارئ أو السامع، فلا تستطيع بمثل هذا اليسر أن تقول له: أريدك منذ هذه اللحظة أن تشعر بالرضى أو بالسخط أو بالإشفاق أو بالذعر كلما وردت عليك الكلمة الفلانية، ومن هنا كان من أصعب الصعاب أن تجرد كلمة أخلاقية من بطانتها الشعورية لتدرك عناصرها الموضوعية وحدها إن كان لها عناصر موضوعية، «وقد حدث لي أن طلبت من المستمعين أن يتخلصوا من مشاعرهم إزاء كلمة أنانية؛ لأثبت لهم أن الأنانية أساس الأخلاق، فلم يسعهم إلا استنكار هذا الأساس.»
21
حين نقول: إنه ليس ثمة في الأشياء صفة مستقلة قائمة بذاتها يصح أن يطلق عليها اسم خاص بها، هو كلمة «خير»، فلسنا نريد بذلك إلا أن نصف العالم الطبيعي وصفا علميا يعتمد على المشاهدة، فنحن هنا نحاول أن «نعرف» ماذا هناك وماذا ليس هناك في العالم الخارجي، ولسنا بمثل هذا القول نحاول أن نخلع على العالم «قيمة» معينة، إننا نقول: إن العالم ليس فيه شيء اسمه «خير» على نحو ما فيه شيء اسمه شجرة أو نهر أو جبل، ونحن إذ نقول هذا نستخدم كلمة «خير» بمعناها الوصفي، لكن معناها الشعوري راسخ في النفوس وله عند الناس قوة بحيث يكاد يستحيل على كثرة الناس أن يجردوا الكلمة من هذا المعنى الشعوري لينظروا إليها باعتبارها اسما يشير إلى مسمى كأي اسم آخر من الأسماء الدالة على أشياء، إننا إذا قلنا عن العالم: إنه يخلو من شيء اسمه خير، أسرع إلى ظن السامع أننا نعني بقولنا: إن العالم شر، كأنما نريد بالعبارة تقويم العالم بهذه القيمة أو تلك؛ ولهذا ترى السامع لقولنا: «إن العالم يخلو من شيء اسمه خير» يشفق على قيمه التي يعتز بها، فهو يقدر أشياء مثل الحرية والعدالة والإحسان للفقير، ويريد للناس جميعا أن يقدروا معه هذه الأشياء كلها بمثل تقديره إياها، فهذا هو الذي يميل به نحو التشدد في الرأي بأن لهذه القيم وجودا موضوعيا غير معتمد على ذات الإنسان وتقديره ... لكننا نريد أن يطمئن الناس على قيمهم التي يعتزون بها، فلسنا نلغيها، وإنما نضعها موضعها الصحيح، وهو أنها تقديرات ذاتية لا وجود لها في عالم الطبيعة، ولا تناقض بين أن يكون التقدير ذاتيا وأن نعتز به ونذود عنه.
فالذين ينفرون من النظرية الانفعالية في القيم، هم في الحقيقة يتخذون من نفورهم هذا موقفا دفاعيا عن القيم التي يريدون الاحتفاظ بها، لا موقفا علميا يريد أن يعرف ما هنالك ليصفه وصفا مجردا عن الهوى، فالإنسان إذا ما رضي عن شيء واستحسنه تراه أميل إلى حمل الناس على مشاركته الرضى والاستحسان، وهو بالطبع أقرب إلى اجتذابهم إلى جانبه إذا قال لهم عن الشيء الذي يرضيه: إنه موضوعي لا علاقة له بهواه الشخصي، منه إذا قال لهم: إن هذا الذي يرضيه إن هو إلا ميل شخصي ورغبة ذاتية، فمثلا إذا أراد صاحب معمل أن يشجع عماله على بذل جهد أ كبر، فهو أقرب إلى إقناعهم إذا ما زعم لهم أن بذل الجهد له قيمة موضوعية، مما لو قال لهم: إن الخير في بذل الجهد هو مصلحته الشخصية.
يقول الأستاذ «بيتن»
22
في نقده للنظرية الانفعالية في القيم، دفاعا عن وجود قيم موضوعية ثابتة: «ما المبررات التي تضطرنا إلى قبول هذه النظرية الانفعالية في الأخلاق؟ إن لها جاذبية خاصة عند هؤلاء الذين فقدوا - في فترة الحرب وعصر الانقلاب - مقومات حياتهم وزالت عن أبصارهم غشاوة الخداع التي كانت تزين لهم المثل العليا فيما مضى، فتجعلها في أعينهم ممكنة التحقيق، والنظرية من هذه الناحية شبيهة بأختها التي هي أشد منها حوشية، وأعني بها الفلسفة الوجودية التي أخذ بها «سارتر» وغيره في فرنسا»، ثم يستطرد «بيتن» فيقول إن أنصار النظرية الانفعالية هؤلاء إن كانوا يقصدون إلى أن تكون الأخلاق نسبية، فليعلموا أن هذه النسبية المنشودة لا تتناقض مع قبولنا للمبادئ الأخلاقية العليا، إذ إن هذه المبادئ ليست جامدة على صورة واحدة مهما اختلفت الظروف من حولها، بل في رأي النظر السليم تختلف في طرق تطبيقها باختلاف الظروف القائمة.
هذا ما يقوله الأستاذ «بيتن»، وعندي أنه - رغم مكانته العالية في الأبحاث الأخلاقية - قد أخطأ خطأين على الأقل، فأما أولهما فهو أن يهاجم النظرية الانفعالية بطريقة خطابية تصلح للجماهير، لا بطريقة منطقية يقبلها الفلاسفة، وذلك حين قال عن النظرية: «إنها شبيهة بأخت لها، وهي الفلسفة الوجودية التي هي أشد منها حوشية.» فما هكذا يكون النقد الفلسفي المنطقي لرأي من الآراء، وأما الخطأ الثاني فهو أنه قد دافع في آخر حديثه عن النظرية نفسها التي جعلها موضع هجومه، إذ قال: إن المبادئ الأخلاقية العليا تختلف في تطبيقها باختلاف الظروف القائمة، ونحن نسأله: ما الذي يجعل التطبيق مختلفا؟ خذ مثلا فضيلة الصدق، وقل لي: كيف يجعلني اختلاف الظروف صادقا بصور مختلفة؟ أم يريد أني أصدق مرة وأكذب أخرى حسب الظروف؟ إن النظرية التي يهاجمها لا تقول أكثر من هذا، إذ تقول: إن القيم الأخلاقية هي تعبير عن مشاعر الإنسان ومصالحه، ولما كانت هذه المشاعر والمصالح مختلفة باختلاف الظروف، كانت القيم الأخلاقية مختلفة تبعا لها.
ويوجه الدكتور «يوونج»
23
Halaman tidak diketahui