لئن بعدت منا ومنك منازل ... لما بعدت منا ومنك قلوب وعلى الجملة فخلائقه غرر وحجول، وطرائقه يعرض شرح محاسنها ويطول، هذا ولم يزل - رحمه الله - على ما وصفناه من أحواله، وشرحناه من جميل خلاله، مشتغلا بالعلم والعمل، منقطعا إلى الله - عز وجل - مجتمع الشمل بأولاده الكملة الذين لم يوجد مثلهم، قرير العين لما رأى هديه هديهم، وفضله فضلهم، حتى كانت سنة عشر وتسعمائة، وطلع سلطان اليمن على صنعاء فملكها، وساوى حكم الزمان بين حدادها وملكها، ففرق السلطان بينه وبين أولاده، وأراد السلطان إنزاله اليمن، قال السيد يحيى بن عبد الله - رحمه الله -: فأجاب بأن أقسم بالله لا نزل فتركه السلطان وبرت قسمه بعد علم السلطان بما له من المنزلة الرفيعة والوجاهة عند الله؛ لأنه كان يأمر بتعمد بيته بالمدافع فيصرف الله ضرها لا بوجه يظهر لأنه دار بارزه، فعلم أن ذلك من دعائه - عادت بركاته -(1)، وأنزل السلطان ولده الهادي إلى رداع وأحمد إلى تعز، وبقي السيد الصارم بعد ذلك إلى سنة أربع عشرة وتسعمائة، وأسعد الله روحه الطاهرة إلى معارج قدسه، ونقلها إلى مستقر رحمته وأنسه، /45/ فكانت وفاته قبل العشاء الأخيرة من ليلة الأحد ثاني عشر شهر جمادى الآخرة من السنة المذكورة، وقبره - رحمه الله - في جربة الروض المقبرة المشهورة بصنعاء عند قبور أهله - رضي الله عنهم - مشهور مزور - رحمه الله تعالى - ورثاه السيد البليغ المفوه عز الدين محمد بن المرتضى بن محمد بن علي بن أبي الفضائل فقال:
نعم هكذا موت العلا والمكارم ... ووقع الخطوب المعظلات العظائم
وغربة هذا الدين حتى غدا كما ... حكى المصطفى مستغربا في العوالم
يعزى بإبراهيم دين محمد ... ومذهب يحيى بن الحسين بن قاسم
وتصنيف كتب في العلوم مفيدة ... وتحقيق أخبار وضبط تراجم
وكل حديث ثابت الأصل مسند ... صحيح رواه محكما كل عالم
ونحو حكاه سيبويه وشيخه ... وتصريف ألفاظ وخط رواقم وتبكي أعاريض الخليل بن أحمد ... وعلم المعاني بعده أي هائم
Halaman 86