190

Matalic Tamam

مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام

Genre-genre

Fikah

فهذا دليل صريح أنه ليس من باب العقوبة بالصدقة، بل إنما تصدق به لأنه ليس له قبضه ولا أن يتملكه. فهو نص في أن ثمن الخمر للمحكوم بصدقته غير متملك بإطلاق الأدب والعقوبة عليه، إنما هو بالمجاز لا بالحقيقة، وبالعرض لا بالذات، لأنه معاقبته به فرع عن كونها له، لكنه ليس بمال له، فلا تكون الصدقة به عقوبة له. وهذا معنى تعليل ابن رشد رحمه الله الصدقة بثمن الخمر فيما تقدم بقوله:إذ لا يحل للبائع ولا يصح تركه للمشتري، فتأمله. فمال المشتري غير ثمن الخمر، فعوقبا به، ولم يقل به أحد.

وقوله: وإن قبضه النصراني فلم ينزع منه، إنما كان ذلك لأنه مال لا طالب له، حصل عليه حوز النصراني إلقاء النظر إلى كونه ثمن خمر باعه من مسلم، بناء على أن الحكم بالثمنية لما كان باطلا شرعا، صار دخولهما من كونه ثمنا وعقدهما على ذلك كل عقد. قال سحنون: ينزع من النصراني وإن أخذه، ويتصدق به بناء على أنه إنما قبضه أنه ثمن خمر بيع من مسلم، وهذا لا يقر ولا يمضي، فإذا نزع منه رجع إلى الحال التي قبل القبض، كما لا يبقى بيد المسلم، لا يرد إليه ولايمكن منه النصراني، وصرف للفقراء على حكم الأموال الضائعة، وإجرائها مجرى الزكاة. ولو كانت العلة الحقيقية عند سحنون أيضا الزجر بالمال من غير سبب سواه، فحكم بأخذ شيء من مال البائع أو هما معا، وعوقبا به بأن يجعل في بيت المال كما يقوله المفتي، أو يتصدق به.

Halaman 273