Mashariq Anwar al-Aqul
مشارق أنوار العقول
Genre-genre
أما إذا لم يكونوا بتلك المنزلة بأن كانوا اثنين أو ثلاثة أو نحو ذلك فرفعوا عن الرسول ما يقتضي الولاية بالحقيقة في شخص بعينه فإن على من نقل إليه من يتولى ذلك الشخص بولاية حكم الظاهر، وحكمه عنده في جميع أحواله حكم الولي بالظاهر، أما إذا نقلوا ما يقتضي البراءة في شخص معين فليسوا بحجة على المنقول إليه إلا إذا جاؤوا بذلك النقل على سبيل الشهادة، كأن قالوا: نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في فلان كذا فإنه يلزم المشهود معه أن يبرأ بشهادتهم براءة حكم الظاهر، وإنما قلنا أنهم ليسوا بحجة في نقل ما يقتضي البراءة بخلاف ما يقتضي الولاية، لأن أمر البراءة أشد من أمر الولاية لأنه خلع مسلم من الدين، والولاية هي إبقاء مسلم على إسلامه، فالاعتقاد في الولاية حاصل لنا قبل وجود هذا الخبر أما في ذلك الشخص بعينه كأن نعلم أنه مسلم لكن لم ينكشف لنا تصديق إسلامه فخبر الاحاد إنما كشف لنا له صدق بإسلامه ووفى بما عليه، وأما في الجملة فإنا نعلم أن كل مولود يولد على الفطرة فالفطرة أصل لكل المولودين، ثم نحن نجهل حالهم بعد البلوغ لكثرة الأحداث فكشف لنا هذا الخبر على لسان هؤلاء العدول أو العدل الواحد على قول سيأتي أن فلانا مثلا باق على الفطرة التي ولد عليها فبهذا تعرف فرق ما بين الولاية والبراءة بخبر الاحاد، وإنما قلنا إن شهادتهم بأن الرسول قال في فلان ما يقتضي البراءة حجة على المشهود معه لأن شهادتهم عن لسان الرسول ليست بأدنى قوة من شهادتهم على إقرار الفاعل بالكبيرة، فإنهم متى ما شهدوا بإقراره على نفسه بكبيرة لزم قبول شهادتهم.
Halaman 206