Pemandangan Kerajaan

Idwar Ilyas d. 1341 AH
79

Pemandangan Kerajaan

مشاهد الممالك

Genre-genre

وأما الجانب المقابل لهذا المتحف من ساحة ترافلجار ففيه مركز الوزارات الإنكليزية، وهي أبنية عظيمة فخيمة متوالية بعضها وراء بعض في شارع اسمه دونن ستريت، يطل على حديقة سان جيمس المشهورة بإتقانها، وأجمل هذه الأبنية من الخارج لوزارة المستعمرات ومن الداخل لوزارة الخارجية؛ حيث يستقبل السفراء وأمراء الأجانب وتولم بعض الولائم العظيمة. ويلي هذه الأبنية الشاهقة قصر سان جيمس مقر ملوك إنكلترا الأول لم يزل على حالته القديمة، دليل ميل الإنكليز إلى المحافظة على القديم، وأمامه جنود من ألايات الحرس بتلك القامات الطويلة والوجوه الجميلة والملابس الثمينة، يخطرون وهم فرجة للناظرين يقضون الوقت بالتمشي لا يلتفتون إلى شيء آخر، فإذا كلمتهم لم يظهروا أنهم شعروا بوجودك أو سمعوك، وعلى الأبواب جنود منهم على الخيل وملابسهم جميلة يقف الجندي فوق حصانه ساعتين في موضعه، فلا هو يتحرك ولا الحصان يتقلقل كل تلك المدة، ولمنظرهم مهابة ووقار كثير.

ووراء هذه القصور بناء البرلمان العظيم، وهو مجلس نواب الأمة ولورداتها وعظمته لا تخفى على أحد؛ لأنه مركز قوة الدولة حيث تتلى أعظم الخطب السياسية والمحاورات، وقل أن يمر يوم لا نسمع فيه أن فلانا قال قولا خطير الشأن في هذا المجلس العظيم. والبناء من خارجه في غاية الفخامة والجمال، يندر أن ترى في الأرض أعظم منه إتقانا ومهابة، صرف عليه ثلاثة ملايين ونصف من الجنيهات، ولا تمر سنة إلا ويصرف عليه ألوف أخرى لزخرفه وإصلاحه، وله من الخارج عدة أبراج شاهقة ترى من مسافات بعيدة فتزيده حسنا ومهابة، أهمها برج سان ستيفنس وهو في الطرف الشمالي علوه 97 مترا، وفي الوسط برج آخر طوله 91 مترا، وبرج الملكة بني فوق قنطرة وعلوه 103 أمتار، وفي هذا البرج ساعة ذات أربعة وجوه، قطر كل وجه منها سبعة أمتار تسمع دقاتها إلى بعد باعد، وقد بني إلى ضفة نهر التمز، وضعت له المماشي والأرصفة عند الماء يجلس إليها الأعضاء للسمر وتناول المشروبات حين الفراغ من الأعمال، ويكثر أن يدعوا إلى ذلك الموضع أصحابهم من السيدات والرجال، فيراهم الراكبون في السفن من النهر، ويتأملون عظمة الموضع الذي تدار فيه سياسة الممالك ومهامها، ويتأملون أيضا واجهته المطلة على النهر يبلغ طولها 275 مترا، وقد نقش عليها صور ملوك إنكلترا من عهد وليم الفاتح إلى الملك إدورد الحالي، وكذلك صور وتماثيل كثير من عظماء الرجال الذين شيدوا المملكة، وقووا بأعمالهم الكبيرة دعائمها. وقصر وستمنستر هذا أو هو مجلس البرلمان يشغل أرضا مساحتها 33900 متر، وفيه إحدى عشرة ردهة أو حوشا، ومائة سلم وألف ومائة غرفة، يمكن للناس أن يدخلوه مرة في الأسبوع، وهو يوم السبت من الساعة العاشرة صباحا إلى الساعة الرابعة بعد الظهر؛ للتفرج على بعض جوانبه، وأما دخول القاعات التي يجتمع فيها اللوردة والنواب وسماع المداولات فلا يمكن إلا بإذن من أحد الأعضاء، وقد ذهبت إلى هذا المجلس العظيم مع صديق قديم لي هو المستر موبرلي بيل مدير جريدة التيمس المشهورة، ودرت معه في تلك الأروقة والقاعات حتى خيل لي أنني في بلد أنتقل في شوارعه ولست في بناء واحد، ودخلت قاعة العرش فإذا هي آية في الجمال والرواء رصعت أرضها بالفسيفساء البديعة الألوان وزينت السقوف والجدران بالصور والرسوم، منها صورة أمير البحر نلسون كأنه يموت في واقعة ترافلجار ورسم الدوك ولنتون يقابل معتمد فرنسا عقب واقعة واترلو الشهيرة، وفي صدر القاعة العرش يجلس عليه الملك في بعض الحفلات الرسمية، ومنه ينتقل إلى قاعة مجلس اللوردة، حيث يتلى الخطاب الملوكي، وحين ذاك يذهب موظف من مجلس اللوردة إلى مجلس النواب في الجانب الآخر من البناء يدعو النواب إلى الحضور لسماع الخطاب الملوكي، فيترك النواب كل عمل لهم ويبطل كل قول، ويتوجه بعضهم لسماع الخطاب، وهي عادة قديمة لم يتحول عنها الإنكليز إلى الآن. وأعضاء هذا المجلس نحو 550 لوردا أكثرهم يرثون هذا اللقب عن الآباء والأجداد، وبعضهم يرقى إليه باجتهاده، مثل كرومر وولسلي وكتشنر، ولكن لا يحضر المجلس من الأعضاء أكثر من مائة إلا في أحوال نادرة، وليس فيه مقاعد لجميع الأعضاء لو حضروا، وفي داير القاعة من أعلاها مواضع للسفراء والمدعوين من السيدات والرجال وأصحاب الجرائد، وسنذكر عن نظام هذا المجلس بعد الكلام عن قاعة النواب.

دخلت مجلس اللوردة، وهو قاعة باهرة ذهبت جوانبها وزخرفت سقوفها وفرشت أرضها بالقطيفة الحمراء، وفيها اثنا عشر شباكا زجاجيا رسمت عليها صور ملوك إنكلترا واسكوتلاندا، وبين تلك الشبابيك صور اللوردات الذين اضطروا الملك جون أن يمضي الدستور الذي قام عليه نظام الحكومة الحاضرة، وهذا الرسم على الزجاج في الألوان من الصناعة البديعة. وفي صدر القاعة من ناحية الجنوب منصة مرتفعة قليلا عليها المنبر أو الكرسي الذي يجلس عليه الملك عند افتتاح جلسات المجلس أو إقفالها، وبجانبه كرسي للملكة.

ودخلت بعد ذلك مجلس النواب، وهو أقدم المجالس النيابية عمرا وأعظمها صولة تنقل الأسلاك البرقية أقوال أعضائه كل يوم إلى أقاصي الأرض ، ولكنه إذا رآه الغريب لم يصدق أنه في ذلك المجلس العظيم؛ لأنه لا يزيد عن قاعة بسيطة فيها كراسي ومقاعد، وفي صدرها محل الرئيس، وهم يسمونه «سبيكر» أو المتكلم عن الشعب بحاجاته، وعدد أعضاء هذا المجلس 670 ولكنهم لا يجتمعون كلهم فيه إلا نادرا، ولا يمكن لأكثر من النصف أن يقعدوا فيه لصغره، وقد أبقوه على هذه الحالة؛ لأنه مجتمع النواب الأول فحافظوا على شكله عملا بسنة المحافظة التي يميل إليها الإنكليز، وأعضاء هذا المجلس أحزاب كثيرة أشهرها حزب المحافظين وحزب الأحرار، ومن أحزابهم حزب الأحرار المتطرفين وحزب الأحرار المنشقين والحزب الأرلاندي، وهو يخالف الأحزاب جميعها، ويطلب أن تستقل أرلاندا في شئونها الداخلية، ويكون لها مجلس خاص بها، وهي نقطة الخلاف الدائمة بين هؤلاء الأعضاء وزملائهم الإنكليز. والنواب ينتخبون كل ست سنوات أو أقل، وهم يجلسون إلى كراسيهم ولا ينزعون قبعاتهم مدة الجلسات خلافا للمتفرجين، وهذا امتياز قديم لأعضاء المجلس حافظوا عليه، كما أنهم حافظوا على عادات قديمة أخرى لا محل لذكرها هنا، وليس لهم رواتب مثل بقية النواب في أوروبا، بل هم يخدمون بلادهم بلا أجرة، وقد اشتهر عنهم الرزانة والوقار، فلا تحدث في مجلسهم الضوضاء وأشكال الخصام التي تسمع عن النواب في بعض الممالك الأخرى، وفي مجلسهم مقاعد للمتفرجين وأصحاب الصحف، ويتبع محلهم غرف للمداولات وللوزراء وأروقة كثيرة فيها رسوم الحوادث التاريخية وتماثيل الرجال العظام من الإنكليز.

ويقرب من مجلس البارلمنت هذا دير وستمنستر العظيم، وهو معبد فاخر يتوج فيه الملوك ويحتفل بزواج الأمراء والكبراء، وفيه مدفن لمشاهير الأمة أيضا، ويليه شارع عظيم اسمه شارع فكتوريا يتصل آخره بقصر بكنهام، وإلى جانب القصر حديقة جميلة اسمها سان جيمس بارك، يليها حديقة أخرى اسمها جرين بارك، ويتصل بهذه حديقة أخرى اسمها هيد بارك، هي من أكبر حدائق الأرض لا تقل مساحتها عن خمسمائة فدان، ويجتمع فيها الألوف في كل يوم متنزهين، ولا سيما يوم الأحد حين يخرجون من الكنائس وينقطعون عن العمل، وهنالك يخطب الخطباء على السامعين في كل موضوع سياسي أو مدني أو ديني، وتجري العربات الفاخرة لسراة لندن والخيل المطهمة، ولا يجوز لعربات الأجرة أن تجتاز طرق هذه الحديقة، والذي يريد أن يرى لذة العيش في لندن وثروة سراتها أو فقر أوباشها فما عليه إلا أن يدور في جوانب هيد بارك ير ذلك رأي العين.

إدورد السابع يقرأ الخطاب في البارلمان.

ذكرنا أن ميدان ترافلجار نقطة مركزية، ومنه يتفرع شارعان مهمان غربا، هما بال مال وبيكادلي، وفيهما الأندية من الطبقة الأولى يؤمها سراة الإنكليز حيث يقضون أوقاتهم بالمطالعة والمسامرة، ويتصل بالميدان المذكور أبهى وأجمل شارع في الأرض - أعني به شارع ريجنت - تمر به جميع أشكال الأمة الإنكليزية، وفيه الحوانيت تباع فيها أحسن البضائع، وهو يشبه أعظم بولفارات باريز، وفي طرفه شارع أكسفورد لا يقل طوله عن ميلين، ولو شئنا وصف شيء من هذه الشوارع أو عد المهم منها كله للزم لذلك المجلدات، يكفي الغريب أن يتمشى في هذه المثابات الكبرى ويتأمل مخازنها وتحفها وجماعات الداخلين إليها والخارجين منها؛ لأنه إذا قضى في ذلك عاما كاملا لم يمل الفرجة.

وأما متاحف لندن ومعارضها فأكثر من أن تعد أيضا؛ لأنها أعظم مدن الأرض وأشهرها، وفيها كل ما يمكن أن يخطر على البال، ولعل أشهر معارضها المتحف البريطاني المشهور بالآثار التاريخية لكل ملة وكل أمة، له منظر من الخارج فخيم، وقد قام على عمد بديعة الشكل، ومدخله رهيب رحيب يؤمه الناس مئات وألوفا، حيث يدرسون آثار الأمم الدارسة بلا ثمن، ويرون بقايا الشعوب الغابرة وقد قسمت أقساما، هنا للروم وهنا للرومان وهنا لمصر وهنا لبلاد آشور والكلدان، وليس في الأرض معرض آخر فيه من الأجسام المحنطة والآثار المصرية البديعة ما في هذا المعرض إلا متحف الجيزة. وهنالك من أنواع النقود القديمة والحديثة لكل الممالك ما يقصر القلم عن وصفه، ومحررات وكتب خطت بيد المشاهير من جميع الأزمان، ومؤلفات غربية بعضها عربي قديم له قدر وقيمة، هذا غير المكتبة التابعة لهذا المعرض، وهي قاعة كبرى مستديرة الشكل يدخلها الطالبون بإذن خاص من مديرها، وفيها نحو أربعمائة ألف كتاب، فإذا دخلها الزائر قعد إلى كرسي وكتب اسم الكتاب الذي يريده على ورقة يجدها أمامه، فيأتي خادم من خدمة المحل ويأخذ الورقة ثم يعود بالكتاب ويضعه أمامه بلا حديث ولا لغط، فترى العلماء والمنقبين يدرسون هنالك بكل وقار، ولتلك القاعة تأثير في النفس عظيم، وقد اشتهر المتحف البريطاني هذا بما أنفق عليه من الألوف، وما فيه من هدايا الإنكليز النفيسة والآثار، من أشهرها حجر رشيد الذي اهتدى الناس إلى العلم باللغة المصرية القديمة منه، وجده العلامة شامبليون الفرنسوي سنة 1804 مدة الحملة الفرنسوية، وأخذ منها يوم حاربهم الإنكليز فأودع في هذا المعرض، ومع ذلك آثار بابل ونينوى التي جمعها السر هنري ليارد وغيره، وهي أقدم آثار الآدميين، وفيه غرفة للتحف النفيسة والجواهر القديمة لا تفتح إلا بإذن خاص لبعض الزائرين.

ومن هذه المعارض متحف كنسنتون خص بالفنون الجميلة كالحفر والنقش والتصوير، وفيه أشكال الآلهة القديمة والرجال العظام كلهم على اختلاف الملل، ومتحف التاريخ الطبيعي وهو بناء جميل في صدره تمثال دارون العلامة المشهور، وفيه أشكال النبات والطير والسمك والحيوان كلها، وهو من المعارض الجميلة في لندن، ومن هذا القبيل أيضا متحف مدام توسو على مقربة من حديقة النبات التي ذكرناها، فيه تماثيل الرجال والنساء العظام بملابسهم المعروفة، وقد أتقن إلى حد أن الغريب لا يفرق بين التمثال والشخص الحي، وغير هذه المعارض كثير لا يمكن أن نطيل في وصفه.

وفي القسم الغربي من لندن أهم مشاهدها، وهو مسكن الأغنياء وأهل الترف، وليس في الأرض بقعة أعظم من البقعة المحيطة بقصر بكنهام في جمال أبنيتها واتساع شوارعها وفخامة مناظرها وثروة أصحابها وكثرة مشاهدها، وما فيها من آيات العظمة والإتقان، ومثلها في الجمال واتساع الطرق بعض الضواحي يسكنها الموسرون والأكابر وهم يقضون أعمالهم في المدينة. وفي لندن من تماثيل الرجال العظام ما لا يعد ولا يعدد، تراه أينما سرت، وأحسن هذه التماثيل ألبرت مموريل أو تذكار البرنس ألبرت زوج الملكة، أقيم له بعد وفاته في طرف حديقة هيد بمال الأمة، وأنفق على زخرفه وتشييده نحو 120000 جنيه، ويليه في آخر الحديقة إلى الشمال قاعة مستديرة كثيرة الفخامة والزخرف اسمها ألبرت هول يجتمع فيها الألوف للأمور الخطيرة وسماع الخطب المهمة، وهي تضم نحو عشرة آلاف نفس، وقل أن تسمع باسم رجل عظيم من الذين نبغوا بين الإنكليز وليس له تمثال في هذه العاصمة، وأما فنادقها فمحاولة عدها خطأ؛ لأن الفنادق هنا بلا عدد وبعضها ضخم كبير إلى حد غريب ومطاعمها أيضا لا حصر لها، ولكن أكثرها يقفل يوم الأحد مثل كل المخازن والأماكن العمومية، فترى المدينة ذلك النهار في سكون وهدوء غريبين حتى يخيل لك أنك انتقلت من لندن، وهي مركز الحركة الهائلة والضجة الكبرى.

Halaman tidak diketahui