Pemandangan Kerajaan

Idwar Ilyas d. 1341 AH
78

Pemandangan Kerajaan

مشاهد الممالك

Genre-genre

أما بنك إنكلترا فإنه في ملتقى شوارع كثيرة، بني من دور واحد بناء متينا فاخرا ومساحة أرضه 16800 متر تحرسه فرقة من الجنود، وفيه ثلاثة آلاف عامل وله مدير ينتخب من بين التجار المساهمين كل 5 سنوات مرة ومجلس إدارة. وهو أقدم بنك في إنكلترا أسس سنة 1694 وظل يرتقي حتى صار مستودع أموال الأمة والحكومة وأشهر مصارف الأرض طرا، يدخل إليه من المال ويخرج منه كل يوم نحو مليون جنيه، وفيه من النقود على الدوام نحو 20 مليونا، ومن الأوراق المالية نحو 25 مليونا، وأوراقه شائعة في كل البلاد، تعد أحسن من النقود قيمة، وهو على الجملة مركز مال الأرض وأكبر البيوت المالية فيها. وأما البورصة تجاهه فجل ما يعلم العامة عنها أنها بناء عظيم يتضارب فيها الموسرون بالألوف والملايين، وقد نقش فوق أعمدتها الضخمة من الخارج صور الحاصلات التي يتجر بها الإنكليز في جميع الأقطار، وفي صدر الساحة تمثال الملكة فكتوريا، وأما الدخول إلى البورصة فغير مباح لغير المشتركين، وأعمالها سرية محضة خلافا لمعظم البورصات الأوروبية، فالذي يريد التأمل بعظمة لندن عليه بهذه النقطة والشوارع المحدقة بها ولا سيما شارع ثردنيدل وهو القائم به تمثال مستر بيبودي المحسن الأميركي المشهور، وقد كان من أمر هذا الخير الكريم أنه اتجر في بلاد الإنكليز وأثرى ورأى شقاء فقرائهم؛ فجاد بنصف مليون جنيه لتبنى بها بيوت صحية لهؤلاء الفقراء بدل أكواخهم العفنة، ولم يجد كريم في الأيام الحديثة بهبة كبرى كهذه؛ فعظم قدر الرجل عند الإنكليز، وأرادت الملكة أن ترقيه إلى رتبة سر وتجعله من النبلاء، ولكنه وهو أميركي لا يعرف للألقاب قيمة اعتذر عن قبول هذا الشرف، فأرسلت إليه جلالتها كتابا بخط يدها تشكره على مروءته، وأرفقت بالكتاب رسمها الكريم، ولما مات هذا المحسن جمع الإنكليز مالا بالاكتتاب وأقاموا هذا التمثال له وبنوا بماله بيوتا للعمال تضم الآن عشرين ألف نفس، وتقدر قيمتها بنحو مليوني جنيه، وقد كان إحسانه في وطنه بالولايات المتحدة أكثر من إحسانه في لندن، رحمه الله رحمة واسعة، وأكثر من أمثاله بين الناس.

وبعد هذا اتجهت في اليوم التالي إلى الرصيف المعروف باسم الملكة فكتوريا بني على ضفة التمز من الجهة الغربية، وطوله 2300 متر، وعرضه 94 مترا، وهو من أعظم شوارع لندن اتساعا وأكثرها جمالا؛ لأنه يشرف على النهر، وقد زرعت إلى جانبيه الأغراس وأنواع الشجر ورصع الجانب الآخر بأفخر أنواع البناء، مثل نادي الأحرار وفندق سافوي وفندق سسل، وهما من أهم فنادق لندن، وقد جعلوا أوسط هذا الرصيف للعربات بعرض 64 مترا، وإلى كل من الجانبين طريق للمشاة، فترى الناس يتمشون هنا ألوفا في أوقات الصحو ويتنقلون في الحدائق الصغيرة الملاصقة لهذا الممر العظيم، ويتأملون ما في النهر من ماء وسفينة، وقد أنفقوا مليوني جنيه على هذا الرصيف وهم الآن شارعون في تطويله، وهناك المسلة المصرية التي نقلها الإنكليز بعد عناء وافر من الإسكندرية ووضعوها حيث يمكن أن ترى من جهات عديدة كما وضعت المسلات المصرية الأخرى في باريس ونيويورك، وهي من مشاهد لندن المذكورة، ولهذه المسلة تاريخ مفيد؛ فإنها على ما يظهر من كتابات قديمة عليها صنعت في أيام تحوتمس الثالث في سنة 1500 قبل المسيح ونقلت على عهد أوغسطس قيصر إلى الإسكندرية في بدء التاريخ المسيحي فظلت بها إلى أن ملك البلاد محمد علي باشا خديويها الأول وقدمها هدية لحكومة إنكلترا فقبلتها، ولكنها لم تهتم بنقلها حتى إذا جاءت سنة 1877 تبرع أحد رجالها واسمه ولسون بعشرة آلاف جنيه لنقلها إلى لندن فنقلت على صندل من الخشب جرته باخرة كبيرة، ولكنها غرقت في الطريق بسبب نوء أصابها في خليج بسكي فأخرجوها في السنة التالية ووضعوها في الرصيف المذكور، وكتبوا على بعض جوانبها ما يشير إلى خلاصة تاريخها الذي ذكرناه.

وقد ركبت سفينة بحرية من إحدى نقط الرصيف هذا، وذهبت إلى برج لندن المشهور، وهو الآن متحف للسلاح والجواهر له حراس من الجنود الطاعنين في السن يلبسون ملابس الحراس القديمة، وفي مدخله مدفع جميل منقوش نقشا تركيا أهدي من السلطان عبد المجيد إلى الدولة الإنكليزية؛ جزاء اشتراك جنودها في حرب القرم مع جنود الدولة العلية، وقد قام هذا البرج على ضفة النهر وأحاطت به خنادق حفرت أيام كان يلزم البرج للحرب والحصار، فإنه بناه وليم الظافر واستعمل بعد ذلك لحبس الكبراء وتعذيب الناس من أعداء الملك كما استعمل الباستيل في باريس، ولطالما حدثت في هذا البرج من أهوال وفظائع لم تزل آثار بعضها باقية إلى الآن، من ذلك خنق الولدين البريئين أبناء الملك إدورد الرابع بأمر عمهما الطاغية رتشرد الثالث، وكان ذلك في أيام حروب الوردتين، وقد وجدت عظامهما تحت سلم قاعة الاجتماع، وهنا سجنت الملكة إليصابات بأمر أختها الملكة ماري، وأغرق الديوك أوف كلارنس أخو الملك إدورد الرابع وقتل هنري السادس، وهنا أيضا قطع رأس الملكة حنة بولن والدة الملكة إليصابات ولم يزل موضع قتلها معروفا يراه كل داخل إلى هذا البرج القديم، وفيه قتلت الكونتس سولسبري سنة 1542 واللورد سيمور الأميرال سنة 1549، وهنا أيضا سجن الملوك الأجانب الذين أسرهم الإنكليز، مثل دافد بروس ملك اسكوتلاندا، ويوحنا ملك فرنسا، وقد مر ذكرهما في فصل التاريخ. وهنا حدثت حوادث كثيرة يتذكرها المرء معتبرا بنوائب الدهر لا محل لسردها الآن.

فأنت ترى من هذا أن اسم برج لندن كان يرجف الأبدان في سابق الزمان، وأما الآن - وهو متحف بديع إلى جانب النهر، ومن ورائه جسر عظيم سبقت الإشارة إليه - فقد صار من المتنزهات وأماكن الفرجة؛ فإنه متحف للسلاح من قديم وحديث وشرقي وغربي على جميع الأشكال، وضعوه في غرف شتى مرتبا ترتيبا تسهل معه المطالعة، والذي يدخله يرى هيئة المحاربين الأول من أهل أوروبا بخوذهم ودروعهم وملابسهم وخيلهم وسلاحهم كله، ويلزم للفرجة على هذه الملابس والأسلحة زمان طويل لا سيما إذا عرف المتفرج أن هذا السيف كان في يد الملك هنري يوم أخضع فرنسا، وهذا الرمح جاء به ريكاردوس إلى فلسطين أيام الحروب الصليبية، وهذا الخنجر كان في يد ملك اسكوتلاندا حين أسره، وغير ذلك من الآثار العظيمة لا محل لذكرها. ومن أغرب الآثار هنا الرايات القديمة غنمها الإنكليز في بعض الحروب، وملابس الملوك القدماء من بعد سنة 1272 وغير هذا من آثار الأقيال الإنكليز ودلائل حروبهم الماضية.

وفي البرج قسم هو في منتهى الجمال، تؤمه الألوف كل يوم أريد به القسم الذي أودعت فيه جواهر المملكة الإنكليزية في علب الزجاج أحيطت بقضبان من الحديد والنحاس، وهي تبهر الأنظار بأنوارها الساطعة وجمالها الفائق، منها تاج الملك تشارلس الثاني ظل الملوك يستعملونه إلى أيام الملكة السابقة، وقد سرق مرة سنة 1671 وأعيد من سارقيه بعد عناء كبير، وللملكة فكتوريا تاج آخر صنعته في بدء حكمها وهو عظيم القيمة فيه 2783 ألماسة غير الجواهر الأخرى، وفي تلك الخزائن أيضا غير هذين التاجين صولجان الملك من الذهب الخالص مرصعة قبضته بأنفس الجواهر، وتاج ولي العهد وتاج قرينته ومجوهرات ملوك إنكلترا وملكاته السابقين تبلغ قيمتها نحو ثلاثة ملايين جنيه، وإلى جانب هذه المجوهرات النفيسة أمثلة من الوسامات الإنكليزية والأوروبية فرشت على قطيفة حمراء ولها شكل بهي، وقطعة من الزجاج تمثل الألماسة المشهورة كوه النور التي مر ذكرها.

وقد ورد في هذا الكتاب ذكر كثير من جواهر الملوك، فرأيت أن أسرد معظمها هنا إتماما للفائدة.

في خزنة الفاتيكان في رومية حجر ألماس وزنه 279 قيراطا، وتليه ألماسة أورلوف في القصر الشتوي في بطرسبورغ وزنها 194 قيراطا، وحجر آخر فيه وزنه 124 قيراطا، وفي خزينة اللوفر في باريس حجر وزنه 139، وعند إمبراطور النمسا حجر وزنه 136، وعند شاه إيران حجر وزنه 95 قيراطا، وعند البرنس داميدوف الروسي حجر وزنه 53 قيراطا، وعند الإمبراطورة أوجيني حجر وزنه 51 قيراطا، وفي تاج قيصر روسيا حجر وزنه 40 قيراطا.

وأكبر هذه الحجارة ألماسة كلنان المشهورة، وجدت في 20 يناير سنة 1905 في منجم كلنان بالترانسفال، فكان ثلثها لحكومة الترانسفال والثلثان للشركة، ولكن الحكومة اشترته وقدمته هدية للملك إدورد جزاء ميله إلى التساهل مع البوير في شروط الحرب التي انتهت على أيامه، وفي تقرير مبدأ الاستقلال الداخلي للترانسفال؛ وعلى ذلك ذهب وفد من قبل حكومة الترانسفال واغتنم فرصة عيد مولد الملك في 9 نوفمبر سنة 1907، فقدم هذا الحجر إلى الملك ووزنه 3024 قيراطا، وطوله 10 سنتمترات وعلوه 6 سنتميترات وربع السنتميتر، وسمكه 3 سنتمترات وربع، وقد قطع وصقل في مدينة أمستردام بهولاندا، وهو الآن موجود في خزينة الملك.

وقد مر بك أن هذه العاصمة الكبرى مشهورة بكثرة ميادينها البهية، وأشهر هذه الميادين - بلا مراء - ساحة ترافلجار سميت بهذا الاسم تخليدا لذكر نلسون ومعركة ترافلجار البحرية التي جرت عند شطوط إسبانيا على مقربة من جبل طارق سنة 1805، وقد أقيم في وسطها عمود رفيع باسق، وفي أعلاه تمثال نلسون والقاعدة من نحاس المدافع الفرنسوية التي غنمها الإنكليز في حروبهم البحرية، لها 4 جوانب يمثل أحدها معركة ترافلجار هذه ، وقد كان الإنكليز فيها يحاربون أسطولي إسبانيا وفرنسا معا فحطموها تحطيما، ونجت إنكلترا بهذا النصر من تحكم نابوليون؛ لأنه كان قد أعد جيشا مؤلفا من 172000 من المشاة و9000 من الفرسان، وأعد 2413 سفينة لنقل هذا الجيش القوي من شطوط بلاده إلى إنكلترا، فلولا انتصار الإنكليز في ترافلجار؛ لتمكن نابوليون من الوصول إلى إنكلترا وسحقها، ولا عجب إذا أكبر القوم بعد هذا ذكر نلسون وحروبه، ونقش على جانب آخر من القاعدة رسم معركة كوبنهاجن، وهي التي انتصر فيها نلسون على الدنمارك كما تقدم في بابه، وفي الجانب الثالث رسم استلام السيف من القائد الإسباني بعد معركة سان فنسان، وفي الجهة الرابعة رسم معركة أبي قير وكلها كان النصر فيها للإنكليز تحت قيادة نلسون أيضا، ويرى المتأمل في تلك القاعدة جملة صارت من آيات التاريخ يتداولها الإنكليز خلفا عن سلف ويحنون الرءوس لذكرها؛ لأنها كانت شعار نلسون كتبها في أعلى سارية ليراها كل جنوده يوم معركة ترافلجار، وهي: «إن إنكلترا تنتظر من كل فرد أن يقوم بالواجب عليه.» وفي هذه الساحة تماثيل كبراء كثيرين من القواد والساسة غير تمثال نلسون تحيط به إحاطة الهالة بالقمر. وهنالك مقاعد وبرك تتفجر منها المياه ومماش تزيد أهمية هذا الميدان؛ لأنه محاط من كل جهة بأعظم مشاهد لندن؛ فأمامه محطة تشارن كروس وفندقها والفندق الكبير، وفندق سسل فيه 700 غرفة و50 قاعة خصوصية فضلا عن القاعة العمومية، حيث تولم الولائم الكبرى. ولا يبعد عنه فندق سافوي، فيه 500 غرفة وهو على مرمى حجر من فندق متروبول وفيه 500 غرفة، وكل هذه الفنادق من أعظم ما في عاصمة إنكلترا. وأمام ميدان ترافلجار المذكور معرض الفنون الجميلة، ووراءه بقليل ميدان لستر فيه أعظم مراسح لندن، مثل مرسح أمباير والهمبرا وغيرهما، ومنه يرى مجلس النواب واللوردة ودواوين الحكومة وكثير من الأندية المشهورة، ويتفرع منه شارع ستراند وشارع فليت وشارع ريجنت وبال مال وبكادلي، وكلها من أعظم شوارع لندن أو هي أعظمها، فميدان ترافلجار هذا نقطة مركزية في لندن، واقع في طرف الستي أو المدينة الأصلية ولا بد لكل زائر أن يراه من أول يوم، كما أنه لا بد لزائر باريس أن يرى ساحة الكونكورد في الحال، والموضعان متشابهان في الأهمية.

قلنا إن معرض الصور فوق هذا الميدان، واسمه عند الإنكليز «ناشيونال جالري»، وهو من المتاحف العظيمة، أنفقوا على بنائه مبالغ طائلة وما زالوا يزيدونه إتقانا وزخارف من عام إلى عام، وقد ابتاعوا أنفس الصور ووضعوها في غرف هذا المعرض الفسيحة، ولو شئنا عد شيء قليل من تحف هذا المعرض لضاق بنا المقام، ولكن القارئ يعلم مقدار أهميته من القول إن الحكومة ابتاعت بعض صوره بالمال الوفير، فإنها دفعت تسعة آلاف جنيه ثمن صورة واحدة تمثل السيدة وولدها من صناعة ليونارود دي فنشي، وأهم من هذه صورة العذراء من صنع رفائيل المصور المشهور اشترتها الحكومة لهذا المعرض بسبعين ألف جنيه من الديوك أوف مارلبرو، وهي أغلى صورة في الوجود لم تبلغ صورة أخرى ثمنها إلى الآن، وقد درت في جوانب هذا المتحف وأعجبت بإتقان بنائه وزخارفه وفخامة عمده في المدخل الكبير، وهي من الرخام السماقي الثمين، تليها درجات من الرخام الأبيض عريضة، والداخل من تلك الواجهة العظيمة يشعر بالعظمة والوقار قبل أن يرى ما في المعرض من نفيس الآثار.

Halaman tidak diketahui