وتضافرت أسباب أخرى - سنجملها في الفصل التالي - وتعاون معها قدر لا مفر منه، فانتهت هذه وذاك بإهلاكه، وأدت إلى مصرعه المروع! الذي نترك لزوجته «نائلة بنت الفرافصة» روايته بأسلوبها المؤثر، إذ تقول من كتابها إلى معاوية: (2) كيف صرع «وإني أقص عليكم خبره، لأني كنت مشاهدة أمره كله، حتى قضى الله عليه؛ إن أهل المدينة حصروه في داره يحرسونه ليلهم ونهارهم، قياما على أبوابه بسلاحهم يمنعونه كل شيء قدروا عليه، حتى منعوه الماء. يحضرون له الأذى، ويقولون له الإفك، فمكث هو ومن معه خمسين ليلة.»
وهكذا إلى أن تقول: «ثم إنه رمي بالنبل والحجارة، فقتل ممن كان في الدار ثلاثة نفر، فأتوه يصرخون إليه ليأذن لهم في القتال، فنهاهم عنه وأمرهم أن يردوا عليهم بنبلهم فردوها إليهم فلم يزدهم ذلك على القتال إلا جرأة، وفي الأمر إلا إغراء. ثم أحرقوا باب الدار.»
وهنا تقول: «ودخل عليه القوم يتقدمهم «محمد بن أبي بكر» فأخذوا بلحيته ودعوه باللقب. فقال: «أنا عبد الله وخليفته.»
فضربوه على رأسه ثلاث ضربات، وطعنوه في صدره ثلاث طعنات، وضربوه على مقدم الجبين فوق الأنف ضربة أسرعت في العظم.
فسقطت عليه وقد أثخنوه - وبه حياة - وهم يريدون قطع رأسه، ليذهبوا به فأتتني بنت شيبة بن ربيعة ، فألقت نفسها معي فوطئنا وطئا شديدا. وعرينا من ثيابنا - وحرمة أمير المؤمنين أعظم - فقتلوه رحمة الله عليه في بيته وعلى فراشه، وقد أرسلت إليكم بثوبه وعليه دمه. وإنه والله لئن كان أثم من قتله لما سلم من خذله.» (3) بعد موته
قالوا: «ونبذ عثمان - رضي الله عنه - ثلاثة أيام لا يدفن، ثم إن بعض الناس كلم عليا في دفنه وطلب إليه أن يأذن لأهله في ذلك ففعل، وأذن لهم علي.»
قالوا: «فلما سمع بذلك قصدوا له في الطريق بالحجارة وخرج به ناس يسير به من أهله
2
وهم يريدون حائطا بالمدينة كانت اليهود تدفن فيه موتاهم يقال له «حش كوكب» فلما خرج به على الناس رجموا سريره، وهموا بطرحه.»
ويقول آخرون: «إنه أخرج ولم يغسل، وأرادوا أن يصلوا عليه في موضع فأبت الأنصار، وأقبل عمير بن ضابئ - وعثمان موضوع على باب - فنزا عليه، فكسر ضلعا من أضلاعه وقال: «سجنت ضابئا حتى مات في السجن.» •••
Halaman tidak diketahui