ولقد كان عثمان - رضي الله عنه - يعرف في الناس هذا الخلق، ويعلم من طباعهم كل ما يعلمه الحصيف الألمعي، ولكنه يأبى إلا التمادي في حلمه، والركون إلى طبعه، وهكذا.
يتحارب الطبع الذي مزجت به
مهج الأنام وعقلهم فيفله
ألا ترى إلى حكايته، حين زاد في البيت الحرام ووسعه فابتاع من قوم وأبى آخرون؛ فثار ثائره وهدم عليهم دارهم ووضع الأثمان في بيت المال؛ فصيحوا بعثمان.
أتعرف ماذا فعل؟
أمر بهم أن يحبسوا وقال جملته المشهورة مخاطبا بها أولئك الثائرين وهي قوله: «أتدرون ما جرأكم علي؟ ما جرأكم علي إلا حلمي، قد فعل هذا بكم عمر فلم تصيحوا به.»
وفي هذه الجملة ما فيها من الألم اللاذع والحسرة القاتلة، ولكن هل اقتدى بعمر في شدته بعد ذلك؟
كلا، بل عاد إلى طبعه فأخرجهم حين كلمه فيهم بعض الناس.
ولو أن عمر أو أبا بكر مكانه لما تهاونا في القصاص، ولأنزلا بهم ما يستحقون من نكال، فجعلاهم عبرة للمعتبرين وأمثولة للثائرين! •••
توالت الثورات على «عثمان» - رضي الله عنه - وطمع فيه الناس لحلمه، وتطاولوا عليه، فلما لم يردعهم اجترأ عليه غيرهم.
Halaman tidak diketahui