Masalah Kubra
المأساة الكبرى: رواية تشخيصية في الحرب الحاضرة
Genre-genre
المنظر الأول (المستشار الإمبراطوري - وزير الخارجية - كبير الجواسيس)
المستشار (وحده في مكتبه) :
هو يريد سببا يتوسل به لشهر الحرب! أمام من يريد أن يبرر عمله؟ أمام أمته وهي بروح الطاعة التي تربت عليها في عهده تبلع الجبال ولا تغص، وتشرب البحار ولا تشرق؟ أم أمام العالم؟ يوصيني أن أتذكر بسمارك في كذبته، أيجهل أن لكل مقام مقالا، وأن لكل زمان دولة ورجالا؟ فرنسا قبل حرب السبعين كانت في المقام الأول بين الدول، وحكومتها الإمبراطورية بالغة في الكبر حد الطيش، وبروسيا كانت في أول نشاطها، ومغاضبة الصغير للكبير لا تطاق مهما تكن طفيفة، والضعيف محتاج دائما إلى تبرير عمله حتى في حقه الواضح. وأما اليوم، فماذا تجدي كذبة بسمارك، وحكومة الجمهورية أعقل من أن تتهور بتلغراف مكذوب؟ أو ماذا تخشى ألمانيا وهي بهذه القوة الهائلة، وهذا المقام الممتاز بين الدول؟ والقوي لا يحتاج إلى تبرير عمله وذنبه مغفور، والناس يحكمون دائما لا بحسب الأسباب، بل بحسب النتائج، ولكن الإمبراطور يريد سببا يبرر به عمله، ومن الأسف أنه مع ما له من المدارك السامية والمطامع الكبيرة هو مقلد لا مبتكر، والفرق أن المقلد ينسج على منوال واحد في كل زمان ومكان، والمبتكر يلبس لكل حالة لبوسها؛ أي: أنه يفتق بحسب الحوادث والأحوال، ولكني «أنا» لا يصعب علي أن أرضيه، وأخرج عن أن أكون مقلدا، فأنا أجاريه في رغبته، وأرتفع فوق بسمارك كثيرا، فإذا كان بسمارك قد أدهش الناس بحيلته؛ فأنا سأذهلهم بإقدامي، غير أنه يريد أيضا أن أشرك النمسا في الحرب ضرورة؛ أي: أن أضطرها إليها اضطرارا، حتى لا يكون لها مناص منها، فكأنه لا يثق كثيرا بهذه المحالفات إذا لم تتوفر فيها المصالح على السواء، وهي معه غير متوفرة، وما حلفاؤه عنده إلا آلات لتخدمه لا ليخدمها، والذي يعلم من نفسه أنه لا يوثق به فهو لا يثق بسواه. والعجيب أنه لم يفاتحني في أمر إيطاليا، فكأنه لا يريد أن يشركها لا في الحرب، ولا في الرأي، فهل هو غير واثق منها بالمرة؟ أو هو غير معتد بها؟ أو هو ناقم عليها؟ ولعل في الأمر شيئا من كل ذلك، والحقيقة أن محالفتنا لإيطاليا كانت غلطة من أغلاط بسمارك، فقد خدمناها كثيرا، فكبرت وقويت في ظلنا، ولم تنفعنا بشيء، بل أضرتنا، فإذا كانت فرنسا سلبتنا تونس ومراكش، فهي أخذت طرابلس الغرب من تحت ذقننا، ولقد خدعنا بها هذه المرة أيضا؛ فسكتنا عنها لاعتقادنا أنها ستفشل في حملتها هذه، ويفضي بها ذلك إلى الرجوع للضعف، فأخطأ فيها حسابنا مع كل مساعينا ضدها مع خصومها في السر، ويلوح لي أن صمت الإمبراطور عنها هذا الصمت دليل على أنه يكظم لها الغيظ، وينوي لها شرا، وليس يوجد انتقام أشد من انتقام الغضب البارد، فإذا اكتسح فرنسا - واكتساحها في اليد - وجه عنايته إليها، وأذلها حتى تصبح أوروبا كلها في يده كالخاتم في الخنصر، وحتى لا يبقى سوى تلك الجزيرة المنعزلة، وحسابها قريب. على أن ذلك إذا لم يكن في حساب الإمبراطور فهو في حسابي، وسأتكفل بتحقيقه له، حتى تنسى ألمانيا ذكر بسمارك وينساه العالم معها.
الخادم (للمستشار) :
وزير الخارجية بالباب يطلب مقابلة مولاي.
وزير الخارجية (للمستشار) :
وردتني أخبار من سفيرنا في النمسا أن ولي عهدها عازم على سياحة في داخل المملكة، وسيتجول على نوع خاص في أملاك النمسا السلافية.
المستشار (للوزير) :
وماذا يقصد يا ترى من هذه السياحة؟ هل قال لك السفير شيئا؟
الوزير (للمستشار) :
Halaman tidak diketahui