[107] وهذا المعنى هو الذي ضمنا في آخر الفصل الثالث تبيينه في هذا الفصل. ويتبين من هذا المعنى أن الألوان التي يدركها البصر من المبصرات إنما يدركها ممتزجة بصور الأضواء التي هي فيها وممتزجة بجميع الصور المشرقة عليها من ألوان الأجسام المقابلة ها. وإن كان الجسم المشف المتوسط بينها وبين البصر فيه بعض الغلظ فإن لونه أيضا يمتزج بألوانها، وليس يدرك البصر لونا من الألوان مجردا على انفراده من صورة تمازجه، لا أن الصور التي تشرق على الأجسام المقابلة للأجسام المتلونة تكون في الأكثر في غاية الضعف والرقة، والصورة الثانية التي ترد من كل واحدة منها إلى البصر تكون في الأكثر في غاية الضعف. فلذلك تكون ألوان الأجسام أنفسها في الأكثر مستظهرة على الصورة التي تشرق عليها ولا تتميز للبصر الصورة المشرقة عليها. وكذلك إن كان الجسم المتوسط بين البصر والمبصر فيه غلظ يسير لم يتميز للبصر لونه من لون المبصر الذي يرد معه، إذا كان لون المبصر الذي يرد معه أقوى من لونه ومستظهرا على لونه.
[108] فأما لم الأضواء القوية تعوق البصر عن إدراك بعض المبصرات ويخفي عن البصر بعض المعاني التي تكون في المبصرات فإن ذلك إنما هو لأن الصور التي ترد إلى البصر عى سمت واحد إنما يدركها البصر ممتزجة. فإذا كان بعض الصور الممتزجة قويا مسرف القوة وبعضها ضعيفا استظهرت الصورة القوية على الصورة الضعيفة فلم تتميز الصورة الضعيفة للبصر ولم يدركها البصر. وإذا كانت الصور الممتزجة متقاربة في القوة أدرك البصر كل واحدة منها ويكون إدراكه لكل واحدة من الصور الممتزجة بحسب ما يمازجها من الصور الما زجة لها، لأن الصور الممتزجة ليس يدرك البصر كل واحدة منها منفردة وإنما يدركها ممتزجة.
Halaman 180