لكنه يُحبّها ويَرضاها ويُظهرها لخواصّه وحَواشيه، ويُثني على مُهديها [...] (^١) كهدية كثيرة العدَد والقدر جدًّا، لا تقع عنده مَوقعًا، ولكنْ لِكَرمه وجُوده لا يُضيع ثواب مُهديها، بل يُعطيه عليها أضعافها وأضعافَ أضعافها، فليس قبوله لهذه الهدية مثل قبول الأولى.
ولهذا قال ابن عُمر وغيره من الصحابة: "لو أعلم أنّ الله قَبل مِنّي سَجدة واحدة، لم يكن غائب أحب إلي من الموت" (^٢).
إنما يُريد به القبول الخاص، وإلا فقبول العطاء والجزاء حاصل لأكثر الأعمال.
والقَبول [ثلاثة] (^٣) أنواع: قَبول رِضًا ومَحبّة واعتداد ومُباهاة، وثَناء على العامل به بين الملأ الأعلى.
وقَبول جَزاء وثَواب، وإن لم يَقع مَوقع الأوّل.
وقبول إسقاط للعقاب فقط، وإن لم يترتب عليه ثواب وجزاء، كقبول صلاة من لم يُحْضِر قَلبَه في شيءٍ منها، فإنه ليس له من صلاته إلا ما عَقل منها، فإنها تُسقط الفرض، ولا يُثاب عليها.
وكذلك صَلاة الآبق، وصَلاة من أتى عرافًا [وصدّقه] (^٤)، فإن النصّ
_________
(^١) في الأصل مقدار كلمتين لم تتضح لي، وفي طبعة الشيخ محمد حامد الفقي ﵀ لهذا الكتاب: "ويُثني على مهديها في كلمات" فكأنه قرأها هكذا، ومن جاء بعد الشيخ ممن نشر هذا الكتاب أثبتها كما أثبتها الشيخ.
(^٢) رواه ابن عساكر كما في الدر المنثور (٢/ ٣٠١)، آية المائدة (٢٧): ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧)﴾.
(^٣) في الأصل: "يليه"، وهو تصحيف.
(^٤) في الأصل: و"صدقته"، والصواب ما أثبته.
1 / 14