بل بين قليل أحدهما، وكثير الآخر في الفضل - أعظم ممّا بين السماء والأرض.
وهذا الفضل يكون بحَسب رِضا الربّ سبحانه بالعمل، وقَبوله له، ومَحبته له، وفَرحه به ﷾؛ كما يَفرح بتوبة التائب أعظم فرح، ولا ريب أن تلك التوبة الصادقة أفضل وأحبّ إلى الله تعالى من أعمالٍ كثيرةٍ من التّطوعات، وإن زادت في الكثرة على التوبة.
ولهذا كان القبول يَختلف ويَتفاوت بحسب رِضا الرب سبحانه بالعمل:
فقَبولٌ يُوجب رِضا الله ﷾ بالعمل، ومباهاة الملائكة، وتَقريب عبده منه.
وقَبولٌ يَترتب عليه كثرة الثواب والعطاء فقط.
كمن تَصدق بألف دِينار من جُملة ماله -مثلًا- بحيث لم يَكترث بها، والألف لم تَنقصه نَقصًا يتأثر به، بل هي في بَيته بمنزلة حَصى لَقيه في دَاره أخرج منها هذا المقدار، إمّا ليتَخلّص من هَمّه وحفظه، وإما ليجازى عليه بمثله، أو غير ذلك.
وآخر عنده رَغيف واحد هو قُوته، لا يَملِك غيره، فآثر به على نَفسه مَن هو أحوج إليه منه، مَحبةً لله، وتقربًا إليه وتَوددًا، ورَغبةً في مَرضاته، وإيثارًا على نفسه.
فيا لله كم بُعد ما بين الصدقتين في الفضل، ومحبة الله وقبوله ورضاه، وقد قَبِل سبحانه هذه وهذه، لكنّ قَبول الرِّضا والمحبّة والاعتداد والمباهاة شيء، وقَبول الثواب والجزاء شيء.
وأنتَ تجدُ هذا في الشاهد في: مَلِك تُهْدَى إليه هدية صَغيرة المقدار
1 / 13