وهذه الخصائص ترسم لنا المنهج الأصيل الذي اختطه الإمام ابن القيم في سائر مؤلفاته، ولست بصدد عرض هذه الخصائص جملةً (^١).
ومن خلال تأمل هذا الكتاب الذي بين أيدينا يمكن لنا أن نبرز أهم الجوانب في منهج ابن القيم في هذا الكتاب على النحو الآتي:
- اعتماد المؤلف ﵀ فيما يكتب ويناقش على كتاب الله ﵎، وسنة نبيه ﷺ، مبتعدًا عن الرأي المجرد الذي ليس له عاضدٌ سوى الذوق والهوى، ومستبعَد الأقيسة، وفاسد التأويل، فنجده يناقش السؤال الأول بطريقةٍ علميةٍ موضوعيةٍ، يستخرج أحاديث الباب، وينقل كلام أئمة الجرح والتعديل في الرجال، ويعزو الأقوال إلى أهلها، ويناقش الأحاديث تصحيحًا وتضعيفًا، ويصل إلى نتيجةٍ يمليها عليه البحث والتأمل.
وحينما تكلم عن آخر سؤال جمع مادة الباب، وناقشها بكل إنصاف، وذكر أقوال الطوائف في "المهدي"، وخلص في نهاية المطاف إلى تقسيمٍ بديعٍ فيما يتعلق بـ "مهدي" أهل السنة، والرافضة، واليهود، والنصارى، في كل ذلك معتمدًا كما تقدم على الحديث والأثر.
- السعة والشمول، والاستطراد المناسب المفيد: مما يميّز كتابات هذا الإمام، وذلك ظاهرٌ في هذا الكتاب، فقد استوعب في أجوبته على هذه الأسئلة الثلاثة التي وُجهت إليه، حتى أصبح كل جوابٍ منها يُشكل بحثًا مستقلًّا، وفي ثنايا هذه الأجوبة يذكر فوائد علمية تعتبر في غير
_________
(^١) انظر: "ابن القيم الجوزية حياته، آثاره، موارده" للعلامة بكر أبو زيد، فقد عرض منهج ابن القيم في البحث والتأليف. ص (٨٥ - ١٢٨).
المقدمة / 18