التي على أثرها السّلامة، وألقح في البديّ الأمور التي نتاجها العافية.
فمن الأمور التي يوجب بعضها بعضا: المنفعة توجب المحبّة، والمضرة توجب البغضاء، والمضادّة توجب العداوة، وخلاف الهوى يوجب الاستثقال، ومتابعته توجب الالفة، والصّدق يوجب الثّقة، والكذب يورث التّهمة، والأمانة توجب الطّمأنينة، والعدل يوجب اجتماع القلوب، والجور يوجب الفرقة، وحسن الخلق يوجب المودّة، وسوء الخلق يوجب المباعدة، والانبساط يوجب المؤانسة، والانقباض يوجب الوحشة، والتكبّر يوجب المقت، والتواضع يوجب المقة، والجود بالقصد يوجب الحمد، والبخل يوجب المذمّة، والتواني يوجب التّضييع، والجدّ يوجب رخاء الأعمال، والهوينا تورث الحسرة، والحزم يورث السّرور، والتّغرير يوجب النّدامة، والحذر يوجب العذر، [وإصابة التدبير توجب بقاء النعمة] والاستهانة توجب التّباغي، والتّباغي مقدّمة الشّرّ وسبب البوار.
ولكلّ شيء من هذا إفراط وتقصير، وإنّما تصحّ نتائجها إذا أقيمت على حدودها، وبقدر ما يدخل من الخلل فيها يدخل فيما يتولّد منها، لا بدّ منه ولا مزحل عنه، عليه عادة الخلق، وبه جرت طباعهم، وتمام المنفعة بها إصابة مواضعها:
فالإفراط في الجود يوجب التّبذير، والإفراط في التواضع يوجب المذلّة، والإفراط في الكبر يدعو إلى مقت الخاصّة، والإفراط في المؤانسة يدعو خلطاء السّوء، والإفراط في الانقباض يوحش ذا النّصيحة. وآفة الأمانه ائتمان الخانة، وآفة الصّدق تصديق الكذبة، والإفراط في الحذر يدعو إلى ألّا يوثق بأحد، وذاك ما لا سبيل إليه. [والإفراط في المضرّة مبعثة على حربك]، والإفراط في جرّ المنفعة غناء لمن أفرطت في نفعه عنك.
واحذر كل الحذر أن يختدعك الشيطان عن الحزم فيمثّل لك التّواني في صورة التوكّل، ويسلبك الحذر، ويورثك الهوينا بإحالتك على الأقدار، فإنّ الله
1 / 77