الحكمة والعلم.
اما سكان الصين فقد مهروا بالسبك والصياغة والأصباغ العجيبة.
وكذلك العرب لم يكونوا تجارا ولا صناعا ولا اطباء ولا حسابا ولا اصحاب فلاحة وزرع لخوفهم من صغار الجزية، وانما اتجهوا نحو قرض الشعر وبلاغة القول، كما اهتموا بقيافة الأثر وحفظ النسب والبصر بالخيل فبلغوا شأوا عظيما.
والترك مثل العرب سكان فياف وقفار لذا دعوا باعراب العجم فلم يهتموا بصناعة او تجارة او هندسة او بنيان او زراعة، وصرفوا همهم الى ركوب الخيل ومقارعة الاعداء وطلب الغنائم فاشتهروا بالفروسية والحرب.
ان لكل امة حظا من الكمال ومقدارا من النقص، ولا تخلو أمة من النقص فتبلغ الكمال كله، «وانما يتفاضل الناس بكثرة المحاسن وقلة المساوىء» .
ثم ان السياسة تقضي بالامتناع عن التفاخر والتنابذ لأن الاسراف فيها يؤدي الى التناحر والتباغض بين جند الخلافة وبين ابناء مختلف الشعوب التي تتكون منها الخلافة.
ويرى الجاحظ أن الناس- وان تباينت اعراقهم وصورهم- متفقون في حقيقتهم. فالمولى الاعجمي يصبح عربيا بالولاء وليس هذا بعجيب لأنهم جعلوا الخال والدا «والحليف من الصميم» . كما جعلوا «ابن الاخت من القوم» واسماعيل الاعجمي الوالدين عربيا.
ثم ان الجميع من خلق الله، فله «ان يجعل من عباده من شاء عربيا ومن شاء عجميا ومن شاء قرشيا ومن شاء زنجيا، كما له ان يجعل من شاء ذكرا ومن شاء انثى ومن شاء خنثى.
وقد قسم الله الطبائع والخصال والصفات والقدرات بين الناس كما قسم طينة الأرض فجعل بعضها حجرا وبعضها ياقوتا وبعضها ذهبا وبعضها نحاسا الخ..
1 / 48